للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا وَجْه.

أو أنَّ المَعنَى: يُولِج الليل في النَّهار، بمَعنَى أنه يَزدادُ النَّهار مُدَّةً حتى يَدخُل في الليل، ويَزداد الليل مُدَّة حتى يَدخُل في النهار، يَعنِي: يَطول النهار؛ فإذا طال أَخَذ من الليل، فمَعنَى ذلك أنه دخَل عليه، ويَطول الليل فإذا طال أَخَذ من النَّهار، فيَكون قد دخَل عليه واختَلَس منه، هذا أيضًا مَعنَى لكلِمة الإيلاج.

وكلاهما مَعنًى صَحيحٌ، ففي إقبال الليل وإدباره آية عَظيمة من آيات اللَّه تعالى، وفي كون هذا يَزيد وهذا يَنقُص أيضًا آيةٌ من آيات اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأن الخَلْق لوِ اجتَمَعوا كلُّهم على أن يَأْتوا بالليل في النهار، أو بالنهار في الليل لا يَستَطيعون، لوِ اجتَمَعوا كلُّهم على أن يَزيدوا في النهار دَقيقةً واحِدةً، أو في الليل دَقيقة واحِدة لا يَستَطيعون، مَهما أُوتوا من قُوَّة.

إذَنْ: فهذا دليل على كَمال قُدْرة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.

ثُمَّ إنَّ في إيلاج الليل بالنَّهار على المَعنى الثاني والعكس فيه دَليل على رحمة اللَّهِ تعالى؛ لأن تَناوُب الليل والنهار بالزيادة والنَّقْص فيه مَصلَحة عَظيمة جِدًّا؛ لأن الليل إذا طال حصَل البَرْد والشِّتاء وظهَرَت أَشجار الشِّتاء، وماتَت الحشَرات التي قد يَكون بَقاؤُها ضارًّا بالإنسان والنَّبات.

وكذلك إذا ازداد النَّهار ازداد الحرُّ فنَضِجت الثِّمار وزال البُخار من الأرض، وماتَتْ بذلك حشَراتٌ كثيرةٌ من أَجْل الحَرِّ، لو أنها بقِيَت وتَنامَت لأَضَرَّت بالناس، فيَكون هذا أيضًا فيه دَليل على كمال الحِكْمة والرَّحْمة مع القُدْرة.

قوله تعالى: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} أي: ذلَّلَهما لمَصالِح العِباد، والدليل

<<  <   >  >>