للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمَّا قوله تعالى: {بَصِيرٌ} فالبَصير بمَعنَى: مُبصِر، أَيْ: مُدرِك ببَصَره عَزَّ وَجَلَّ فلله تعالى بصَرٌ يُبصِر به المُبصَرات، كما جاء في الحديثِ الصحيح: "حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ" (١).

وقد يَكون البَصير أيضًا دالًّا على العِلْم، مثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: ٢٦٥]، أي: عَليم به، وعند الناس الآنَ إذا قالوا: فُلان بَصير بالأشياء، يَعنِي: عنده عِلْم بها وخِبْرة.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: إثبات الخَلْق والبَعْث، لقوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: كَمال قُدْرة اللَّه تعالى حيث جعَل جَلَّ جَلَالُهُ الخَلْقَ والبَعْث لجميع الخَلْق كنَفْس واحِدة، وهذا في غاية ما يَكون من القُدْرة.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات البَعْث، لقوله تعالى: {وَلَا بَعْثُكُمْ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الاستِدْلال بالمَشهود على المَوْعود، فالمَشهود الخَلْق، والمَوْعود البَعْث، وقد قرَنَهما اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَميعًا، لإثباتِ كلِّ واحِد منهما، وأنه كما قَدَر على الخَلْق أوَّلًا فهو قادِر على البَعْث ثانيًا.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثبات اسمَي (السَّميع) و (البَصير) للَّه تعالى، وإثبات ما دَلَّا عليه من صِفات، وإثبات الكَمال باجتِماعهما السَّمع والبَصْر، إِذْ ليس كلُّ سَميع بَصيرًا، وليس كلُّ بَصير سميعًا، وقد سَبَق لنا مَعنَى السَّميع ومَعنَى البَصير.


(١) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا ينام"، رقم (١٧٩)، من حديث أبي موسى الأشعري -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>