للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثل قول إبراهيمَ عَلَيْهِ السَّلَام: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: ٣٩]، أي: مجُيبُه، ومن المعلوم أيضًا أنه لا يُجيبه إلَّا بعدَ أن يَسمَعه سَمْعَ إدراكٍ، ولكن الفائِدة من الدُّعاء هي إجابة الداعِي، أمَّا مجُرَّد أن يُسمَع دُعاؤُه؛ فلا فائِدةَ له من ذلك حتى يُجاب.

وتَقدَّم أنَّ سَمْع الإدراك يَنقَسِم إلى ثلاثة أقسام:

ما يُفيد التهديد.

وما يُفيد التَّأْييد.

وما يُفيد سَعةَ سَمْع اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإدراكُه لكل مَسموع.

فمما يُفيد التَّهديد: قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: ٨٠].

ومِمَّا يُفيد التأييد قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لمُوسى وهارونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦].

وممَّا يُفيد الشُّمول؛ أي: شُمول سَمْع اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لكل ما يُسمَع مثل قول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: ١]؛ ولهذا قالَتْ عائِشةُ -رضي اللَّه عنها-: تَبارَك الَّذي وَسِعَ سَمْعُه الأصواتَ، إني فِي طرَفِ الحُجْرة وإنه ليَخفَى علَيَّ بَعضُ حَدِيثها (١)، واللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِن فَوْقِ سَبْع سَمَواتٍ يَسْمَعُ هَذا الحَديثَ والتَّحاوُرَ كُلَّهُ، ولَمْ يَفُتْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شَيْءٌ.


(١) علقه البخاري: كتاب التوحيد، باب قول اللَّه تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}، (٩/ ١١٧)، ووصله الإمام أحمد (٦/ ٤٦)، والنسائي: كتاب الطلاق، باب الظهار، رقم (٣٤٦٠)، وابن ماجه: في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، رقم (١٨٨).

<<  <   >  >>