للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يُجازَى عليه وبَيْن أن لا يُجازَى عليه.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [وجُملةُ الوَصية وما بعدَها اعتِراض] الوصية مُبتَدَأَة مِن قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} اعتِراض مِن قولِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وليس ذلك مِن قول لُقمانَ عَلَيْهِ السَّلَام لابنِه؛ لأنَّ الذي وصَّى الوالدين إحسانًا ووجَّه الإحسان هو اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وإنَّما جاءَتْ هذه الوصيةُ بعد ذِكْر الشِّرْك؛ لأنَّ عُقُوق الوالِدين يَرِد بَعْد حَقِّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وفي الوصية أيضًا جُمْلَة اعتِرَاضية، هي قوله تعالى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}؛ لأنَّ قولَه تعالى: {أَنِ اشْكُرْ} هو المُوصَى به: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}.

إِذَنْ نَقول في هذا: الوَصِيَّةُ اعتِراضِية بين كَلامَيْ لُقْمانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لابْنِه؛ وقولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} اعتِراض أيضًا بَين فِعْل الوصية والمُوصَى به.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: تَحريمُ طاعَةِ الوالدين إذا أَمَرَا بالشِّرْك؛ لِقَولِه تعالى: {فَلَا تُطِعْهُمَا}، ويُقاس على ذلك كل مَعْصِيَة أمَرَا بها فإنهما لا يُطَاعَان؛ لِقَوْلِ الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا طَاعَةَ لمِخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ" (١).


(١) أخرجه بلفظه الطبراني في المعجم الكبير (١٨/ ١٧٠، رقم ٣٨١) من حديث عمران بن حصين -رضي اللَّه عنه-، ويشهد له ما أخرجه البخاري: كتاب الجهاد، باب السمع والطاعة للإمام، رقم (٢٩٥٥)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، رقم (١٨٣٩)، من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- بلفظ: "السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بالمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة".

<<  <   >  >>