للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: ٤] ألَا يُنافِي ذلك أمرَه بمُصاحَبَتهما بالمَعروف؟

فالجَوابُ: لا مُنافاةَ بينهما؛ لأنه ليس مَعنَى مُصاحَبتِهما بالمَعروف أن تُبْدِيَ لهما المَحَبَّة والوِلاية، بل أنت تُبغِض ما هُما عليه مِن الكُفْر والشِّرْك، وتُبغِضُهما على هذه الصِّفاتِ التي اتَّصَفا بها, ولكن تُعْطِيهما ما يَجِبُ لهما.

فإن قال قائِل: هل يَجوز إظهار البَشَاشَة لهما؟

فالجَوابُ: لا يَمنَع ذلك إذا لم يَكُن هذا سَببه الدِّين، فهذا أَمْر تَقتَضيه الطبيعة، والعَداوة والبَغضاء في القَلْب؛ لأن العَداوة ضِدُّ الولاية، ولكن لا نُؤذِيهم.

ثُمَّ يُقال أيضًا: قد نَقول: لكلِّ مَقَامٍ مَقال. فمثَلًا إذا كان الوالِدان أو غيرهم يَتبَجَّحَان بالكُفْر ويَفتَخِران به، فلنا أن نُعْلِن هذه البَرَاءَةَ والعَدَاوَةَ والبَغْضَاء، وإذا كانا سَاكِتَيْن مُسَالمِيْن فنحن لا نَتَعرَّض لهما, ولكننا نَتبرَّأ -على صِفَةِ العُمُوم- ممَّا هُمْ عليه مِن الدِّين.

والمُهِمُّ: أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقول: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا} أمَّا فيما يَتعَلَّق بالدِّين فلا تُصاحِبْهما بمعروف أبَدًا فيما يَتَعلَّق بالدِّين يَجِب أن تَكْرَههما وتَبتَعِد عنها وتُعَادِيهما.

* * *

<<  <   >  >>