للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي أبي عبد الله، فرحَّب به وأجلسه في حجره وساءَله، وأرسل فاتخذ له خَبيصاً فجاءَ به فوضعه بين يديه وجعل يبسطه، وقال للجارية: كُلي معه. ثم قام إلى بعض الفامِيِّين فجاءَ وفي ثوبه لوز وسكر، وأخرج منديلاً فشدّه فيه، ثم دَفعه إلى الخادم، وقال للصبي: اقرأ على أبي مُحمد السلام.

قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المَرُّوذي، قال: رأيتُ أبا عبد الله قد ألقى لخَتَّانٍ درهمين في الطَّسْت.

قال الخلال: وأخبرني عبد الملك الميموني، قال: كثيراً ما كنت أسأل أبا عبد الله عن الشيءِ فيقول: لبيك.

قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين، أن أبا بكر المرُّوذي حدثهم قال: كان أبو عبد الله لا يجهل، وإن جُهِل عليه احتمل وحَلم، ويقول: يكفي الله. ولم يكن بالحَقود ولا العَجول، ولقد وقع بين عمه وجيرانه مُنازعة؛ فكانوا يَجيئون إلى أبي عبد الله، فلا يُظهر لهم ميله مع عمه، ولا يَغضب لعمه، ويتلقاهم بما يعرفون من الكَرامة، وكان كثير التواضع يُحب الفقراء، لم أر الفقير في مجلس أعزّ منه في مجلسه، مائلاً إليهم مُقصراً عن أهل الدنيا، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلّم حتى يُسأَل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدّر يقعد حيث انتهى به المجلس، وكان لا يمد قدمه في المجلس ويُكرم جليسه؛ وكان حسن الخلق دائم البشر ليّن الجانب ليس بفظ ولا غليظ؛ وكان يُحب في الله ويُبغض في الله، وكان إذا أحب رجلاً أحب له ما يحب لنفسه، وكره له ما يكره لنفسه، ولم يمنعه حبه إياه أن يأخذ على يديه ويكفه عن ظُلم أو إثم أو مكروه إن كان منه، وكان إذا بلغه عن رجل صلاحٌ أو زهد أو قيامٌ بحق

<<  <   >  >>