للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو اتباع للأمر سأل عنه وأحبَّ أن يجري بينه وبينه معرفة، وأحب أن يعرف أحواله، وكان رَجلاً فطِناً إذا كان شيء لا يرضاه اضطرب لذلك، يغضب لله ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها؛ فإذا كان في أمر من الدين اشتد له غضبه حتى كأنه ليس هو، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان حَسن الجوار يُؤذي فَيصبر ويحتمل الأذى من الجار؛ ولقد أخبرني بعض جيرانه، ممن بينه وبينه حائط قال: كان لي برج فيه حَمام، وكان يُشرف على أبي عبد الله، فكنت أصعد وأنا غُلام أشرف عليه، فمكث على ذلك صابراً لا ينهاني، فبينا أنا يوماً إذ صعد عمي فنظر إلى البُرج مُشرفاً على أبي عبد الله فقال: وَيحك، أما تَستحي تؤذي أبا عبد الله؟! قلت له: فإنه لم يَقل لي شيئاً. قال: فلستُ أبرحُ حتى تهب لي هذه الطيور، فما بَرح حتى وهبتُها له فذبَحها وهَدم البُرج.

قال الخلال: وحدثنا إبراهيم بن جعفر بن جابر، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الجُنيد، عن هارون بن سُفيان المُسْتملي، قال: جئتُ إلى أحمد بن حنبل حين أراد أن يُفرق الدراهم التي جاءَته من المتوكِّل، قال: فأعطاني مئتي درهم؛ فقلت: لا تكفيني، قال: ليس هاهنا شيء غيرها، ولكني أعمل بك شيئاً، أعطيك ثلاثمئة درهم تُفرقها، قال: فلما أخذتُها قلت: يا أبا عبد الله، ليسَ والله اعطي أحداً منها شيئاً، فتبسم.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: حدثني الحسن بن أبي طالبن قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المطلب، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد، قال: حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي، قال: كنتُ عند أحمد بن حنبل وبين يَديه مِحبرة، فذكر أبو

<<  <   >  >>