للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتاسعتها: خفة المؤنة فإن من تعود قلة الأكل كفاه من المال قدر يسير.

وعاشرتها: أن يتمكن من الإيثار والتصدق بما فضل من الأطعمة على المساكين، فيكون يوم القيامة في ظل صدقته، فما يأكله فخزانته الكنيف، وما يتصدق به فجزاؤه فضل الله تعالى (١).

وقال ابن حجر في «فتح الباري»:

قال القرطبي في «شرح الأسماء»: لو سمع بقراط بهذه القسمة لعجب من هذه الحكمة، وقال الغزالي قبله في باب كسر الشهوتين من الإحياء ذكر هذا الحديث لبعض الفلاسفة، فقال: ما سمعت كلامًا في قلة الأكل أحكم من هذا، ولا شك في أن أثر الحكمة في الحديث المذكور واضح.

وإنما خص الثلاثة بالذكر؛ لأنها أسباب حياة الحيوان؛ ولأنه لا يدخل البطن سواها، وهل المراد بالثلث التساوي على ظاهر الخبر أو التقسيم إلى ثلاثة أقسام متقاربة؟ محل احتمال والأول أولى، ويحتمل أن يكون لمح بذكر الثلث إلى قوله في الحديث الآخر: «الثلث كثير».

وقال بن المنير: ذكر البخاري في «الأشربة» في «باب شرب اللبن للبركة» حديث أنس، وفيه قوله: «فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه»، فيحتمل أن يكون الشبع المشار إليه في أحاديث الباب من ذلك؛ لأنه طعام بركة، قلت: وهو محتمل إلا في حديث عائشة ثالث أحاديث الباب فإن المراد به الشبع المعتاد لهم، والله أعلم.

واختلف في حد الجوع على رأيين ذكرهما في الإحياء، أحدهما: أن يشتهي الخبز وحده فمتى طلب الأدم فليس بجائع، ثانيهما: أنه إذا وقع ريقه على الأرض لم يقع عليه الذباب.

وذكر أن مراتب الشبع تنحصر في سبعة، الأول: ما تقوم به الحياة، الثاني: أن يزيد حتى يصوم ويصلي عن قيام وهذان واجبان، الثالث: أن يزيد حتى يقوى على أداء النوافل، الرابع: أن يزيد حتى يقدر على التكسب، وهذان مستحبان، الخامس: أن يملأ الثلث وهذا


(١) انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للقاري (٨/ ٣٢٥١).

<<  <   >  >>