للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت بينه وبين عبد فإنَّه إذا عمل حسنةً تُدفع تلك الحسنة يوم القيامة إلى خصمه عوضًا عن مظلمته.

/ [١١٩/أ] فإن قلت: هل يلزم على هذا التقدير أن تكون (١) الصدقة أقوى حالًا في المباعدة من النار؛ لأن الجُنّة -وهي الترس- دون إطفاء النار، قلت: العكس أولى؛ لأن الجُنّة مانعة من صدور الخطيئة التي هي سبب النار، والصدقة لا تمنع، وإنما تطفئ الخطيئةَ الحاصلةَ) (٢).

«وصلاة الرَّجُل» خَصَّه لا لإخراج الأنثى، بل لأنَّ الرجال هم المخاطَبون، والخير فيهم أغلب، «من جَوْفِ اللَّيْل» أي: في أثنائه، فـ (من) بمعنى (في)، وحروف الصّفات (٣) تتناوَبُ (٤)، أو لابتداء الغاية فيكون مبتدأ الصلاة جوفه، أو تبعيضية أي: وصلاته في بعض جوف الليل كذلك، [أي: تطفئ] (٥) الخطيئة كالصدقة، بدليل رواية أحمد: «والصدقة (٦) وقيام العبد في جوف الليل يُكفِّرُ» (٧) أي: الخطيئة, وهذا ما


(١) في الأصل: (يكون) بالياء, والمثبت من (ب).
(٢) الكاشف عن حقائق السنن (٢/ ٤٨٦).
(٣) في شرح المفصل لابن يعيش (٣/ ٨٥): (ويريد أهل الكوفة بحروف الصفات حروف الجر، لإجراء حروف الجرِّ مجرى الظروف).
(٤) قال ابن السَّرَّاج (ت ٣١٦ هـ) في الأصول في النحو (١/ ٤١٤): (واعلم: أن العرب تتَّسع فيها فتقيم بعضها مقام بعضٍ إذا تقاربت المعاني)، وقال عبَّاس حسن في النحو الوافي (٢/ ٥٣٧ - ٥٤٠): (تردد بين النحاة: "أنَّ حروفَ الجر ينوبُ بعضها عن بعض" فيتوهَّم من لا دراية له أنَّ المراد هو: جواز وضع حرف جرٍّ مكان آخرَ بغير ضابط، وهذا ضرب من الفهم المتغلغل في الخطأ؛ إذ يؤدي إلى إفساد المعاني، والقضاء على الغرض من اللغة) ثمَّ ذكر أنَّ في مسألة التناوبِ مذهبين: الأوَّل أنَّه ليس لحرف الجرِّ إلَّا معنىً واحدٌ أصليٌّ يؤدِّيه على سبيل الحقيقة، وهو مذهب البصريين، وتابعهم شيخ الإسلام في أصول التفسير (ص: ١٨) الثاني: أنَّ قصر حرف الجرِّ على معنى حقيقيٍّ واحد، تعسّفٌ وتحكُّمٌ لا مسوغَ له) وهو مذهب الكوفيين.
(٥) ما بين معقوفتين زيادةٌ من (ب).
(٦) في الأصل: (والضدّ) والمثبت من (ب).
(٧) مسند أحمد (٣٦/ ٣٨٧).

<<  <   >  >>