للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحيفة بقرينة (تمحو)، ثم في الدرجة الثالثة تطفئ الخطيئة لمقام الحكاية عن المباعدة عن النّار، فلمَّا وضع الخطيئة موضع النَّار على الاستعارة (١) المكنيَّة (٢) أَثبَتَ لها على الاستعارة التخييليّةِ ما يلازم النّار من الإطفاء ليكون قرينةً مانعةً لها من إرادة الحقيقة [من الخطيئة] (٣).

وأمَّا {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} (٤) فمن إطلاق اسم المسبَّب على السّبب (٥)، وأمَّا معنى إذهابِ السَّيئةِ بالحسنة: إذا كانت بين العبد وربِّه فظاهرٌ، وأمَّا إذا


(١) الاستعارة: استعمال اللّفظ في غير ما وضع له لعلاقة (المشابهة) بين المعنى المنقول عنه والمعنى المستعمل فيه، مع (قرينةٍ) صارفة عن إرادة المعنى الأصليّ كقولك: رأيت أسدًا في المدرسة، فكلّ مجاز يبنى على التشبيه (يسمى استعارةً)، وهي تنقسم بحسب ما يذكر من الطرفين إلى قسمين: تصريحيّة، وهو ما يذكر في الكلام لفظ المشبّه به فقط مثل: رأيت أسدًا يخطب، وإذا ذكر في الكلام لفظ المشبّه فقط، وحذف فيه المشبه به، وأشير إليه بذكر لازمه: المسمى «تخييلًا» فاستعارة مكنيّة أو بالكناية، و (الاستعارة التخييلية) قرينة المكنيّة، فهي لازمةٌ لا تفارقها، لأنه لا استعارة بدون قرينة، وإذًا تكون أنواع الاستعارة ثلاثة: تصريحيّةً، ومكنيّةً، وتخييليّةً. انظر: عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (٢/ ١٥٩) وجواهر البلاغة (٢٦١).
(٢) الاستعارة المكنيّة: أي: مخفى فيها لفظ المشبّه به، استغناءً بذكر شيءٍ من لوازمه - فلم يذكر فيها من أركان التشبيه، سوى المشبه، ولا بدّ لها من قرينة، وهو المسمى (بالتخييلية) كما سبق. نهاية الأرب في فنون الأدب (٧/ ٥٥) وجواهر البلاغة (ص: ٢٦٠).
(٣) ما بين معقوفتين زيادة من نسخة (ب) , وهو الموافق لما في المصدر.
(٤) سورة النساء: (١٠).
(٥) وهذا ما يسمَّى بـ (المجاز المرسل) كما ذكر البلاغيون وهو: ما بينه وبين موضوعه علاقة غير المشابهة، وإنما سمّي مرسلًا؛ لأنه أرسل عن دعوى الاتحاد المعتبرة في الاستعارة، إذ ليست العلاقة بين المعنيين المشابهة حتى يدعى اتحادهما، وعلاقة المجاز المرسل معناها: أن يكون هناك تلازم وترابط يجمع بين المعنيين، وهذه العلاقات كثيرة أشهرها ما يلي: علاقة السببية، وهو أن يكون المعنى الموضوع له اللفظ المذكور سببًا في المعنى المراد فيطلق السبب على المسبب، عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (٢/ ١٣٠).

<<  <   >  >>