للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وخَصَّ الصدقةَ بذلك لتعدّيْ نفعِها، وهي: إحسانٌ إلى الخَلق, وهم عيال الله (١)، والإحسانُ إلى العيالِ يُطْفِئُ عادَةً غضبَ صاحبها، وسبب إطفاء الماءِ النَّارَ: أنَّ بينهما غايةَ التضادِّ؛ إذِ النَّارُ حارّةٌ يابسةٌ، والماء باردٌ رطْبٌ، فقد ضادَّها بكيفيَّتيه جميعًا، والضِّدُّ يدفع الضدَّ ويعدِمه) (٢).

وقال الطيبيُّ: قوله: «الصَّدقة تُطفِئُ الخطيئة»: أصله تُذهِب الخطيئة كقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (٣) ثمَّ في الدّرجة الثانية تمحو الخطيئةَ؛ لخبر: «أتبِعِ السيئةَ الحسنة تمحُها» (٤)، أي: السّيئة المثبتة في صحيفة الكرام الكاتبين، وإنما قدَّرت


(١) أي: يعولهم ويرزقهم وينفقُ عليهم, ووردَ في مثل هذا أثرٌ لكنَّه ضعيفٌ جدًّا. انظر: مرقاة المفاتيح (٨/ ٣١٣٠).
(٢) التعيين (٢٢٢).
(٣) سورة هود (١١٤).
(٤) الحديث أخرجه الترمذيّ في أبواب البرّ والصلة، باب ما جاء في معاشرة الناس (١٩٨٧) وأحمد (٣٥/ ٢٨٤) كلاهما من طريق سفيان الثوري عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب عن أبي ذرّ رضي الله عنه مرفوعًا. وأخرجا أيضًا عن ميمون عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعًا. وقال الترمذيّ: (حديث حسن صحيح). وأشار النوويّ في الأربعين أنَّ النسخ اختلفت في حكم الترمذي هل قال حسن، أو قال حسن صحيح؟ وذكر ابن رجبٍ أن الترمذيَّ حسنه، وأنّ (ما وقع في بعض النسخ من تصحيحه بعيدٌ). جامع العلوم والحكم (٢٩٢). وقال ابن حجر في ترجمة ميمون: (وصحح له الترمذي روايته عن أبي ذرّ، لكن في بعض النسخ وفي أكثرها قال حسن فقط) التهذيب (١٠/ ٣٨٩). وعلة الحديث الانقطاع بين ميمون بن أبي شبيب وبين أبي ذرّ رضي الله عنه، وقد نصّ جمع من الأئمَّة أن روايته عن أبي ذرّ غير متصلة منهم: الفلاس، وأبو حاتمٍ نفى روايته عن أبي ذرّ وعائشة، وأبو داود قال: لم يدرك عائشة، فكونه لم يدركْ مُعاذًا من طريق الأَولى. انظر: جامع العلوم (٢٩٢). وفيه أيضًا الاختلاف في الوصل والإرسال وقد رجّح الدارقطني الإرسال فيه. العلل (٦/ ٧٢). وأما حديث معاذٍ ففي المسند (٣٥/ ٢٨٤) أنّ وكيعًا قال: (وقال سفيان، مرة: عن معاذ، فوجدت في كتابي: عن أبي ذر وهو السماع الأول). وقال الترمذيّ بعد روايته للوجهين: (قال محمود: والصحيح حديث أبي ذر). ومحمود هو ابن غيلان شيخه, ولكن يبقى الحديث ضعيفًا لعلة الانقطاع السابقة ..

<<  <   >  >>