للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكلامٍ يؤذي.

وفي الحكمة: لسانُك أسَدُك، إن أطلقته فرسَك، وإن أمسكته حرسَك، وكان الصدِّيق -رضي الله عنه-: «يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد» (١)، ذكره بعض الشارحين (٢).

وقال البيضاويُّ: (قوله: «كُفَّ عليك» أي: كُفَّ لسانك، فلا تتكلَّم بما لا يعنيك؛ فإنَّ من كثُر كلامُه كثر سَقَطُه، ومن كثر سَقَطُه كثرت ذنوبه، ولكثرة الكلام (٣) مفاسدُ لا تحصى، أو: لا تتكلَّم بما (٤) يهجس في نفسك من الوساوس، فإنك غير مأخوذٍ به ما لم يظهر؛ لخبر: «إن الله تعالى تجاوز لأمَّتي ما وسوستْ صدورها ما لم تقُل (٥) أو تتكلَّم» (٦) أو: لا تتفوَّه - بما ستره الله عليك؛ فإن التوبةَ عنه أرجَى قَبولًا، والعفوَ عنه أرجى وقوعًا) (٧).

وقال الطُّوفي: قوله: (كُفَّ) يجوز كونُه عامًّا خُصَّ بكلام الخيرِ؛ بدليل حديث:


(١) أثر أبي بكر الصديق رضي الله عنه رواه مالك في الموطَّإ (٢/ ٥٨٦).
(٢) انظر هذا الكلام بنصِّه في التبيين في شرح الأربعين لابن جماعة (ص ١٦٨) , والجواهر البهيَّة في شرح الأربعين النوويَّة للشَّبشيريّ (ص ٢٠٣). إلا أنَّ في التبيين: (لسانك أسيرك) , ولعلَّه تصحيف.
(٣) وقع في تحفة الأبرار: (ولشره الكلام).
(٤) في نسخة الأصل: (بما لا يهجس)، وبحذف (لا) يستقيم المعنى، وهو على الصواب في نسخة (ب) والتحفة.
(٥) كذا وقع في النسختين، ولكنَّ الرواية: «ما لم تعمل أو تتكلم به» والقول والكلام واحد.
(٦) أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب الخطأ والنسيان في العتق ونحوه، (٢٥٢٨). ومسلم في كتاب الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقرّ (٢٠٢).
(٧) تحفة الأبرار (١/ ٦٩).

<<  <   >  >>