للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقلْ خيرًا أو لِيصمتْ» (١) وكونُه مطلقًا: استُعمل (٢) في الكفّ عن الشرِّ فلا يبقى له دلالةٌ على غيره (٣)، ومنشؤهما / [١٢١/أ] أنَّ الفعل يدلُّ على المصدر (٤)، لكن هل يقدر مُعَرَّفًا فيعمُّ كاكففِ الكَفَّ، أو منكَّرًا فلا يعمُّ كاكففْ كفًّا، أو على أنَّ المصدر جنسٌ فيعمُّ، (٥) أو لا فلا) (٦).

وعدَل عن قوله: (كفّ لسانك) الأخصَر، وجمع بين إمساكه وقوله ذلك؛ لأن النفس بالحسيات آلف منها (٧) بالعقليَّات؛ لتأخُّر زمن إدراكها عن إدراك تلك، فكان ذكر المعنى العقليِّ ثم تعقيبه بالتمثيل الحسِّيِّ أبلغ وأوقع في النفس، وأبعد عن الخفاء


(١) رواه البخاريّ في صحيحه كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، (٨/ ١١، رقم ٦٠١٨)، ومسلم في صحيحه كتاب الإيمان، باب الحثّ على إكرام الجار والضيف (١/ ٦٨، رقم ٧٤).
(٢) في الأصل: (وكونه مطلقًا، وكونه مطلقًا استعمل ... ) والمثبت من (ب) ومن شرح الطّوفي.
(٣) لأنّ المطلق هو: (ما تناول واحدًا غيرَ معيَّن باعتبار حقيقة شاملةٍ لجنسه) فهو يصدق على الواحد. انظر: شرح الكوكب المنير (٣/ ٣٩٢).
(٤) لأن المصدر أصل المشتقَّات كلّها؛ لأنَّه يدلُّ على شيءٍ واحدٍ هو الحدث المجرَّد، فهو بسيط، والفعل يدلُّ-عند النحاة- على شيئين هما: الحدث والزمن، فهو مركَّب، والبسيط أصل المركَّب، وكون المصدر أصلًا للفعل وغيره من المشتقَّات هذا على قول البصريين وهو الراجح؛ لذا قال ابن مالك في الألفية: (وكونه أصلًا لهذين انتخِب). انظر: شرح ابن عقيل (١/ ٥٠٧) ودليل السالك (١/ ٣٣٧).
(٥) وكون المصدرِ من أسماء الأجناس مذكورٌ في كتب اللغة، قال ابن يعيش في شرح المفصل (٢/ ٢٣٨): (المصدر موحَّد لا يثنَّى، ولا يجمع؛ لأنَّه جنسٌ يدلُّ بلفظه على القليل والكثير، فاستغني عن تثنيته وجمعه). ولكن المشهور أنّ اسم الجنس مطلقٌ لا عامّ، فيقع على الواحد ولا يعمُّ، كما قال صاحب المراقي:
وما على الذّاتِ بلا قيدٍ يدلْ ... فمطلقٌ, وباسمِ جنسٍ قد عُقلْ

انظر: نثر الورود (٣٢٠).
(٦) التعيين (٢٢٤).
(٧) قوله (منها) زيادة من (ب).

<<  <   >  >>