للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«الناسُ» أي: أكثرُهم «في النَّارِ» نارِ جهنم، «على وُجُوهِهِم أو قال» -شكٌّ من الراوي- «عَلَى مَنَاخِرِهِم» جمع مَنخِر -بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة وفتحها (١) -: ثُقبة الأنف.

«إلَّا حَصَائدُ (٢) أَلْسِنَتهِمْ» أي: ما تكلَّمتْ به من الإثم، جمع حصيدة بمعنى محصودة، من حصد إذا قطع الزرع، وهو من إضافة اسم المفعول إلى فاعله أي: محصودات بالألسنة، شبّه ما تكلم به الإنسان بالزرع المحصود بالمِنجل (٣)، فكما أنَّ المِنجلَ يقطَع ولا يميِّز بين الرطب واليابس والجيد والرديء، فكذا لسان بعض الناس يتكلم بكلّ نوعٍ من الكلام القبيح والحسن، ثم حُذف المشبَّهُ وأقيم المشبَّه به مقامه على سبيل الاستعارة المصرَّحة (٤)، وجعل الإضافة قرينةً لها، والاستثناء مفرغ (٥)؛

لأنّ في


(١) ذكر هنا لغتين، وذكر الفيروزآبادي أن الميم والخاء مثلثة، وأن فيها أيضًا لغتان: كـ (مجلس)، وكـ (ملمول). القاموس (٤٤٧).
(٢) وقع في النسختين: (حصايد) بالياء، ويقول أهل اللغة: إذا وقع الواو أو الياء بعد ألف (مفاعلَ) فإنه يجب قلبهما إلى همزة، بشرط كونهما مدة زائدة ثالثة في المفرد، نحو: عجوز وعجائز، وصحيفة وصحائف، وهنا في: (حصائد) يوجبون الإبدال إلى الهمزة. انظر: شرح ابن عقيل (١/ ٥٠٥)، ودليل السالك (٢/ ٤٣٥).
(٣) المِنجل: على وزن (مِنبر): حديدةٌ ذاتُ أسنانٍ يقضب بها الزرع. تاج العروس (٣٠/ ٤٥٧).
(٤) الاستعارة المصرَّحة أو التصريحيَّة: جعل الشيءِ الشيءَ مبالغةً في التشبيه، فتقول: (رأيت أسدًا) فجعلت الشجاع نفس الأسد. انظر: تحقيق الفوائد الغياثيَّة للكرماني (٢/ ٧٢٣).
(٥) الاستثناء المفرّغ هو: ما حذف من جملته المستثنى منه بشرط أن يسبقه نفي أو شبهه، مثل: ما قام إلا زيد، انظر: شرح ابن عقيل (١/ ٥٤٩). وقد تقدّم في هذا الحديث استفهام وهو في معنى النفي: «وهل يكب الناس ... » ولكنّ اشتراطَ سبقِه بنفيٍ أو شبهه هو قول الجمهور، وخالفهم ابن الحاجب وتبعه بعض المعاصرين؛ لوجود آياتٍ كثيرة في كتاب الله قرابة العشرين، ولم يسبقها نفيٌ ولا شبهه, وهي مؤوَّلةٌ عند الجمهور, انظر: دراسات لأسلوب القرآن الكريم (١/ ٧) , -تحت مبحث: هل كان للنحويين استقراءٌ للقرآن في جميع رواياته؟ - ودليل السالك (١/ ٣٧٤) ..

<<  <   >  >>