للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الصَّغَانيُّ (١): (وربَّما دخل فيه النِّساء تبعًا ويذكَّر ويؤنَّث، والتعبير بـ (الرجال) في الأوَّل، و (القوم) في الثَّاني للتفنُّن، ودَفعًا لكراهة (٢) تكرار أحدهما) (٣).

قال الطُّوفيُّ: (ويحتمل على القولِ بأنَّ النِّساء يدخلْن في لفظ (القوم) أن يقال: لما كان الغالبُ أنَّ المدَّعي إنَّما يكونُ رَجلًا؛ -إذ المرأة ليْستْ مِن أهل الدَّعوى وحضور مجالس الحُكَّام، والمدَّعَى عليه يكونُ رجلًا وامرأةً، - قال: «لَادَّعَى رجالٌ أموالَ قومٍ» حَمْلًا عَلى الغالب) (٤). انتهى.

وقوله: (المرأة ليْستْ مِن أهلِ الدَّعْوَى) أرادَ بها أنَّه لا يُناسِبُها ذلك.

«و» سفكوا «دماءهم» بِمُجَرَّدِ دَعْواهم فوَضَعَ (ادَّعَى) موضعَ (أخذ، وسفك) وضعًا للسببِ موضع المسبَّبِ (٥)؛ لأنَّ الدَّعوى سببٌ للأخْذ والسَّفك، فامتناعُ كلٍّ: لِامتناعِ


(١) هو رضيّ الدّين أبو الفضائل الحسن بن محمّد بن الحسن العدويّ الصغَانيّ الأديب اللغوي المحدّث، كان من أفراد العلماء، عارفًا بالأخبار النبويّة واللغة العربية والمعاني الأدبيّة والزهد والعبادة، ولقَّب نفسه (الملتجئ إلى حرم الله) بعد أن جاور مكَّة، له كتاب مجمع البحرين، وكتاب العباب الزاخر، وكتاب درّ السحابة في وفيات الصّحابة، وكتاب مشارق الأنوار النبوية من صحيح الأخبار المصطفويَّة. انظر: معجم الأدباء لياقوت الحموي (٣/ ١٠١٥)، ومجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي (٦/ ٤٩٠).
(٢) في الأصل: (للكراهة). والمثبت من (ب).
(٣) انظر: اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح للبِرماوي (١/ ٣٢٧).
(٤) التعيين (٢٨٤).
(٥) هذا يسمُّونه في (علم البيان) من البلاغة (مجازًا مرسلًا) وهو: ما كانت العلاقة بين ما استعمل فيه وما وضع له ملابسةُ غيرِ التشبيه، وعلاقته في هذا الحديث السببيّة، وهو: (تسمية المسبَّب باسم السَّبب) أي: استعمل لفظ (الادِّعاء) وهو السَّبب، موضع المسبّب وهو (الأخذ والسفك)، مثل إطلاق العرب (اليد) على النعمة، لأنَّ من شأنها أن تصدر عن الجارحة، انظر: بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح (٣/ ٤٦٨).

<<  <   >  >>