للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإعطاء بلا بيِّنةٍ، كما هو شأن (لو) فإنَّها لامتناع الثَّانيْ -أعني الجزاءَ- لامتناع الأوَّل (١)

-أعْني الشَّرط- (٢).

وذَكَرَ الأموالَ قبل الدِّماء مع كونِها أعظمَ خطرًا، -بدليلِ حديث: «أوَّل ما يُقْضَى بين


(١) في هامش النسخة الأصليَّة من المخطوط قطعةٌ من شرح الهيتميِّ لهذا الحديث وهي قوله: ("لو" حرف امتناعٍ لامتناعٍ؛ أي: يقتضي امتناع الجواب لامتناع الشرط؛ كما دلَّ عليه جمهور النُّحاة، أو لما كان سيقع لوقوع غيره، كما دل عليه كلام إمامهم سيبويه، وعليه فلا إشكال؛ لأنَّ دعوى رجالٍ أموال قومٍ كان سيقع لو وقع إعطاء الناس بدعاويهم، وكذا لا إشكال على الأوَّل أيضًا وإن كان وقع دعوى بعض الناس مال بعضٍ، سواءٌ أعطوا بدعاويهم أم لا؛ لأن المراد بدعوى الرجال أموالَ قوم: إعطاؤُهم إيَّاها ودفعها إليهم؛ أي: لو يعطى الناس بدعواهم لأخذ رجال أموال قومٍ وسفكوا دماءهم، فوضع الدعوى موضع الأخذ؛ لأنَّها سببه، ولا شكَّ أنَّ أخذ مال المدَّعى عليه ممتنعٌ، لامتناع إعطاء المدَّعي بمجرَّد دعواه، وكذلك أخذه كان سيقع لو وقع إعطاء المدَّعي بدعواه، ولا يقع بدون ذلك، فصح معنى (لو) هنا على القولين). الفتح المبين (٥٢٩) ..
(٢) هذه العبارة مشتهرةٌ بين النحاة، وهي: أنَّ (لو) امتناعٌ لامتناعٍ، وانتقد ذلك ابن هشامٍ في كتاب (قواعد الإعراب): واختار أن يقال: (لَو: حرفٌ يقتضي امتناعَ ما يليه، واستلزامَه لتاليه) فهي تقتضي امتناعَ ما يَليه -الذي هو الشرط- ولكن لا تقتضي امتناع تالِيه -وهو جواب الشرط-، لكن تستلزمه، فقد تمنعه: إن لم يكن للجواب سببٌ غير الشرط، مثل هذا الحديث: (لو يعطى الناس بدعواهم) فيمتنع الإعطاء الذي هو الشرط، ويمتنع الجواب الذي هو الادِّعاء؛ لأنَّ الإعطاء له سببٌ واحدٌ وهو البيّنة بشروطها، ولكن إن كان للجواب سببٌ غير الشرط فلا تقتضي امتناع الجواب مثل قولي: (لو كانت الشمس طالعةً كان الضوء موجودًا)؛ إذ للضوء أسبابٌ غيرَ الشمس، فلا يصحُّ القول في (لو) في هذا المثال: (امتناعٌ لامتناعٍ)، فإطلاقها هكذا فيه نظرٌ لا يخفى، وقد وصف ابن هشامٍ تعريفهم: بأنَّها عبارة فاسدةٌ، ولذا كان حدُّ سيبويه لـ (لو): (حرف يدلُّ على ما كان سيقع لوقوع غيره). انظر: الكتاب لسيبويه (٤/ ٢٢٤)، ومُوصّل الطلَّاب إلى قواعد الإعراب لخالد الأزهريِّ (٢٣٣ - ٢٣٨). والإعراب عن نظم قواعد الإعراب لعبد الله الفوزان (١٠٨ - ١٠٩).

<<  <   >  >>