للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الدّهَّان (١): (ولا يُخْتَار: (سمعت زيدًا قائلًا) إلا أن يعلِّقه بشيء آخر؛ لأنَّ (قائلًا) موضوعٌ للذات، والذات غير موضوعةٍ للسمع) (٢).

(مَنْ رَأَى) أي: علِمَ فهي عِلْميَّة، ويصحُّ كونُها بصريَّةً، وقِيْسَ ما علِمَهُ على ما رآه (مِنْكُمْ) معشر المكلَّفين القادرين، فهو خطابٌ لجميع الأُمَّةِ الذين يمكنهم ذلك, الحاضرُ بالمشافهة، والغائبُ تبعًا، أخرج بذلك نحوَ: الصبيِّ والمجنونِ والعاجزِ.

(مُنْكَرًا) أي: شيئًا قبيحًا قبَّحه الشرعُ قولًا أو فعلًا ولو صغيرةً, خلافًا لما يوهمه كلام الإمام (٣)، (فليُغَيِّره) أي: يُزلْه ويبدِّلْه بغيره وجوبًا بالشرع لا بالعقل، -خلافًا للمعتزلة (٤)

- على الكفاية (٥) إن عَلِمَ بِهِ أَكْثرُ مِنْ واحِدٍ، وإلّا فعينًا {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ


(١) سعيد بن المبارك بن علي المعروف بابن الدَّهَّان البغدادي، من شيوخه: أحمد بن الحسن بن البنَّاء، ومن مؤلفاته: شرح الإيضاح والتكملة، والأضداد، وكان واسع العلم بالعربية، حتى نعت بسيبويه عصره، وكان يعدّ من نحاة بغداد الأربعة وهم: ابنُ الجواليقيِّ، وابنُ الشجريِّ، وابنُ الخشَّاب، وابن الدَّهَّان، توفي سنة (٥٦٩ هـ). وقد عَمِيَ في آخر عُمُرِه بسبب قصَّةٍ عجيبةٍ ذكرها القِفطيُّ في إنباه الرواة, انظر: إنباه الرواة (٢/ ٥١) وسير أعلام النبلاء (٢٢/ ٣٩) وبغية الوعاة (٢/ ٣٨٩).
(٢) لم أقف على كلامه؛ ولعلَّه في كتابه: (شرح الإيضاح والتكملة) - شرحان على كتابين لأبي عليٍّ الفارسي- ذكره القفطيُّ وياقوتُ وغيرهما، وذكروا أنَّه في ثلاثةٍ وأربعين مجلَّدًا، انظر: إنباه الرواة (٢/ ٥٠)، ومعجم الأدباء (٣/ ١٣٧١).
(٣) هو إمام الحرمين أبو المعالي الجوينيُّ رحمه الله -وتقدَّمت ترجمته في ص (١٧١ - ١٧٢) - ونصُّ كلامه - في: الإرشاد إلى قواطع الأدلَّة ص (٣٦٩ - ٣٧٠): ) ويسوغُ لآحادِ الرعيَّة أن يصدَّ مرتكب الكبيرة إن لم يندفع عنها بقوله؛ ما لم ينتهِ الأمر إلى نصبِ قتالٍ, وشهرِ سلاحٍ, فإن انتهى الأمر إلى ذلك رُبطَ الأمر بالسلطان).
(٤) هذا الذي قاله المصنِّفُ هو الحقُّ, وخلافُ أهلِ السُّنَّة والأشاعرة من جهةٍ, والمعتزلة من جهة أخرى في هذه المسألة مشهورٌ في علمِ أصول الفقه باسم: (التَّحسين والتَّقبيح العقليَّين) , وذكر هذه المسألةَ الأصوليّونَ لارتباطها بمبحث الحكم التكليفيِّ؛ إذ إنَّ من قال بالتحسين والتقبيح بإطلاقٍ رتَّب على ذلك الإيجاب والتحريم والندب والكراهة كما يأتي. =

<<  <   >  >>