للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= واختلف الناس في هذه المسألة على ثلاثة أقوالٍ: الأوَّل: النفي بإطلاقٍ، أي: أنَّ العقل لا يدرك حسن الأشياء وقبحها، وأنَّ الأفعال لا توصف بالحسن والقبح لذواتها، وهذا القول ينسب إجمالًا إلى الأشاعرة انظر: رسالة السجزي إلى أهل زبيد (٩٥)، والمستصفى للغزالي (١/ ٥٧) والتسعينية لابن تيمية (٣/ ٧٤٧) والقول الثاني: إثبات التحسين والتقبيح العقليين بإطلاقٍ، بمعنى: أنَّ العقل يدرك حسن الأشياء أو قبحها، ويرتِّب على ذلك المدح والثواب، أو الذمَّ والعقاب، وهذا القول اشتهر عن المعتزلة، انظر: المعتمد لأبي الحسين البصري المعتزلي (٢/ ٣٢٨)، ونهاية الإقدام للشهرستاني (٣٧١) والإحكام للآمدي (١/ ٨٠) وشرح تنقيح الفصول للقرافي (٩١). والقول الثالث: أنَّ العقل يمكنه إدراك حسن أو قبح كثيرٍ من الأفعال والأشياء لما تشتمل عليه من صفات الحسن أو القبح الذاتيين، فتسمَّى الأشياءُ والأفعالُ قبل الشرع حسنةً أو قبيحةً، لكن لا يترتب على ذلك الإدراك: وجوبٌ ولا تحريمٌ، ولا ثوابٌ ولا عقابٌ، بل ذاك متوقّفٌ على ورود الدليل الشرعيِّ به، وهذا القول وسطٌ بين القولين السابقين، وإليه ذهب الجمهور من السلف والخلف، ونصَّ عليه: أبو نصر السجزي في رسالته إلى أهل زبيد (٩٥، ١٤٠)، ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية في كثيرٍ من كتبه منها: التسعينيَّة (٣/ ٧٤٧)، ودرء التعارض (٨/ ١٤) وكما في مجموع الفتاوى (٣/ ١١٤) وابن القيم في مفتاح دار السعادة (٢/ ٥١) فيفرِّقون بين أمرين: إدراك العقل لحسن الحسن وقبح القبيح، وترتّب الوجوب والتحريم والثواب والعقاب على ذلك الإدراك العقليّ، ومن أسباب الخلاف في هذه المسألة: الخلاف العقديُّ في أفعال الله تعالى وأوامره ونواهيه هل هي معلَّلةٌ بالحكم والغايات أو لا؟ والحقُّ ما عليه السلف من أنَّ الله تعالى خلق المخلوقات، وفعل المفعولات، ونهى عن المنهيَّات لحكمةٍ مقصودةٍ، انظر: كتاب: (التحسين والتقبيح العقليان، وأثرهما في مسائل أصول الفقه، مع مناقشة علميَّة لأصول المدرسة العقليَّة الحديثة) للدكتور/عائض بن عبد الله الشهراني، وهي رسالة علميَّة، طبعت في ثلاث مجلدات، في كنوز إشبيليا عام ١٤٢٩ هـ.
(٥) جاء في هامش الأصل قطعةٌ من شرح ابن حجر الهيتميِّ وهي: (واعلم: أن فرض الكفاية إذا لم يقم به أحدٌ أثمَ كلُّ من علم به وتمكَّن منه، وكذا من جَهِلَه وكان يمكنه البحث عنه لقربه منه فتركه؛ إذ يلزمه البحث بما يليق به، ويختلف بكبر البلد وصغرها, وإذا قام الكلُّ بفرض الكفاية ولو مرتَّبًا كان كلُّ منهم مثابًا عليه، فلا مزيَّة لبعضهم على بعضٍ، والقيام به مع عدم تعيُّنِه أفضل منه [مع تعيُّنِه, نعَم؛ القيام بفرض عينٍ لذاته أفضل منه] بفرض الكفاية, ما لم يتعين على خلافٍ فيه، ولا ينافي ما تقرَّر من الوجوب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ =

<<  <   >  >>