للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ولا يبع بعضكم على بيع بعض) قال الطيبيُّ: (ضمَّن معنى الغلبة والاستعلاء؛ فعدَّاه بـ"عَلى"، قال في المُغرِب (١): باع عليه: إذا كان على كُرهٍ منه، وباعَ له الشيء: إذا اشتراه له، ومنه الحديث: «لا يبع بعضكم على بيع بعض» أي: لا يشتر؛ بدليل رواية البخاريِّ: «لا يبتاع رجلٌ على بيع أخيه» (٢). انتهى (٣).

وأجراه أئمَّتنا على العموم (٤)، فصوَّروا ذلك بأن يقول لمشتري سلعةٍ في زمن الخيار: افسخ وأبيعك مثله بأرخص, أو أجود منه بثمنه فيحرم؛ لما فيه (٥) من الإيذاء الموجِبِ للتَّباغُضِ، قالوا: ومثله الشراء على الشراء بغير إذن المشتري، بأن يقول للبائع في زمن الخيار: افسخ وأشتريه منك بأغلى، ومثل ذلك ما في معناه من السَّوم على سوم غيره، والخِطبة على خِطبته/ [١٣٢/ب] إلَّا برضاه.

وتصرَّف بعضهم في النهي فخصَّه بما إذا لم يكن فيه غَبنٌ فاحش (٦)، وإلَّا فله إعلامه ليفسخ ويبيعه بأرخص، والأصحُّ خلافه.

وشمل النهي بيع المسلم على بيع الذمِّي فيحرم؛ لأنَّ له ما للمسلم إلَّا ما خُصَّ


(١) كتاب المغرب في ترتيب المُعرِب للناصر بن عبد السيِّد المطرزي (٦١٠ هـ) من أئمة اللغة، وهو كتابٌ في غريب ألفاظ الفقهاء الحنفيَّة.
(٢) أخرجها البخاريّ في صحيحه، كتاب البيوع، باب لا يشتري حاضر لبادٍ بالسمسرة (٣/ ٧٢، ح ٢١٦٠). بلفظ: «لا يبتاع المرء على بيع أخيه».
(٣) في المغرب (ص ٥٦)، وانظر: الكاشف عن حقائق السنن (٧/ ٢١٤٢).
(٤) يعني أئمة الشافعية، انظر: تحفة الأبرار للبيضاوي (٢/ ٢٣٨)، والتعيين في شرح الأربعين للطوفي (٣٠٠).
(٥) في الأصل: (لمانعه) والمثبت من (ب).
(٦) هذه عبارة ابن دقيقٍ العيد في شرح العمدة، وفسَّر التصرُّف بتخصيص النهي، وهذا التخصيص لبعض الشافعيَّة، وقال به ابن حزمٍ محتجًّا بحديث «الدين النصيحة»، قال الصنعاني: وأجيب بأنَّه يكفيه في النصيحة تعريفه بأنَّه مغبونٌ من غير أن يريد أن يبيعَه شيئًا بأرخص. المحلى لابن حزم (٧/ ٣٧٣)، العُدَّة على إحكام الأحكام (٤/ ٣٥).

<<  <   >  >>