للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها (١) {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (٢) أي: وحْدَه (٣)، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٤) أي: يُوحّدونِ، فعليه: يكون قد ذكر له التوحيدَ وأعمالَ الإسلام، ويحتمل أنَّه أراد بالعبادة هنا: ما يتناول الإيمان الباطن، والإسلام الظَّاهر، فيكون ما بعده عطفُ خاصٍّ على عامٍّ) (٥). انتهى.

ونحوه قول بعضهم (٦): (قوله: «تعبد الله» يتضمَّن جميع أنواع التكاليف الشرعية، وقوله: «لا تُشرِك» يشمل كلا قسمي الشِّرك: الجليِّ والخفيِّ, وقال [أهل] (٧) التحقيق: (العبادة لها ثلاث درجاتٍ: الأولى: أن تعبد الله طمعًا في الثواب، وهربًا من العقاب، وهذا هو المسمَّى بالعبادة، وهذه الدَّرجة نازلةٌ جدًّا! (٨)؛ لأنَّ معبوده هو ذلك الثواب،


(١) جاءت في (ب): (ومنه) وهو الموافق لما في التعيين.
(٢) سورة البقرة: (٢١).
(٣) جاءت في (ب): (وحِّدوه) وهو الموافق لما في التعيين.
(٤) سورة الذاريات: (٥٦).
(٥) التعيين في شرح الأربعين (٢٢١).
(٦) هو الطّيبي، انظر: الكاشف (٢/ ٤٧٨).
(٧) ما بين معقوفتين زيادة من نسخة (ب) , وهو الموافق لما في الكاشف للطيبيِّ.
(٨) هذا الكلام فيه نظرٌ؛ لأنَّ الله تبارك وتعالى رغَّب في الجنّة في كتابه الكريم، وفي وحي رسوله الكريم، لأنَّها سلعة الله الغالية، ولو كان المطلوب عدمَ تعلّق القلوب بالجنَّة والخوف من النَّار؛ لبيَّن الله تبارك وتعالى بأحسنِ بيانٍ وأوفاه، كيف وقد وصف الله كبار أوليائه، وكثيرًا من أنبيائه بقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} سورة الأنبياء: (٩٠)، بل هذا المقام هو أعظم المقامات، بخلاف التقسيم الثلاثيِّ الذي عند من سمَّاهم المصنِّف أهلَ التحقيق، فهو تقسيمٌ حادثٌ وليس فيه أثارةٌ من علمٍ، بل هو مخالفٌ لمنهج سلفنا الصالح من الصحابة الكرام، ومن تبعهم بإحسانٍ. انظر: الاستقامة (٢/ ١١٠) , والفتاوى الكبرى (٥/ ٢٢١) , وأطال ابن القيِّم -رحمه الله- الانتقادَ في مدارج السالكين (٢/ ٧٥ - ٧٧).

<<  <   >  >>