للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جعل الحقَّ وسيلةً إلى الفعل ذلك المطلوب (١).

الثانية: أن تعبد الله لتتشرّف بعبادته، أو تتشرَّف بقبول تكاليفه، أو بالانتساب إليه، وهذه أعلى من الأولى، لكنَّها غير خالصة؛ لأنّ القصد بالذَّات غيرُ الله، وهذا/ [١١٧/ب] هو المسمَّى بالعبوديَّة.

الثالثة: أن تعبده لكونه إلهًا وخالقًا، ولكونه (٢) عبدًا له، والإلهيَّة: توجب الهيبةَ والعِزَّة، والعبوديَّة: توجب الخضوعَ والذِّلة، وهذا أعلى المقامات، وأشرف الدَّرجات، وهذا هو المستحِقُّ بأن يسمَّى بالعبودية، وإليه الإشارة بقول المصلِّي في أول الصلاة: (أصلِّي لله) (٣)، فلو قال: أصلِّي لثوابِ الله أو للهربِ من عقابه بطلتْ صلاته، فالعبادة لعوامِّ المؤمنين، والعبوديَّة للخواصِّ الموقنين، والعبودَية لخاصِّ الخواصِّ المقرَّبين.

وقيل: العبادة لمن له علمُ اليقين، والعبوديَّة لمن له [عين اليقين، والعبودة لمن له حقّ اليقين، ولعَمْرِيْ ما أظلَّت الخضراءُ، وأقلَّت] (٤) الغبراءُ على من يفي بهذا الأمر، ويستقيم على هذا الحكم).

«وتقيمُ الصَّلاة» تأتي بها بشروطها، أو تواظب (٥) عليها لأوقاتها.


(١) في ب: (وسيلة إلى نفل ذلك المطلوب) ولعله تصحيف.
(٢) كذا في النسختين, وفي المصدر (ولكونك) بالخطاب.
(٣) محلُّ النيَّة القلب دون اللسان باتفاق أئمَّة المسلمين في جميع العبادات، قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: (لا يستحبّ التلفظُ بها؛ لأن ذلك بدعةٌ لم تنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولا أمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أحدًا من أمَّته أن يتلفظ بالنيَّة، ولا علَّم ذلك أحدًا من المسلمين، ولو كان هذا مشهورًا مشروعًا لم يهمله النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، مع أن الأمَّة مبتلاةٌ به كلَّ يومٍ وليلةٍ، وهذا القول أصحُّ الأقوال). مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢٣١)
(٤) ما بين معقوفتين زيادة من نسخة (ب).
(٥) في الأصل: (يأتي، يواظب) على الغائب, ولكن الخطاب هو الأنسب للفظ المشروح.

<<  <   >  >>