للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وتؤتيْ الزكاة» لمستحقّيها (١)، فحذف المفعولَ الأوَّل (٢)، وزاد في روايةٍ: «المفروضةَ» للاحتراز عن صدقة التَّطوع، فإنها زكاةٌ لغويَّةٌ، أو للاحتراز عن الزكاة المعجَّلة قبل الحَول، فإنها زكاةٌ غيرُ مفروضةٍ.

«وتصومُ رمضان» أي: تُمسِك جميع نهارك عن كُلِّ مفطِّرٍ بِنيَّةٍ ليلًا.

«وتحجُّ البيتَ» أي: تقصِدُه بأداء النُّسُك.

قال ابن حجرٍ: (وليس المراد بمخاطبته بالإفراد -فيما مرَّ، ويأتِي- اختصاصُه به، بل تعليم السّامعين الحكمَ في حقِّهم ومَن أشبههم من المكلفين) (٣).

وفيه دليلٌ على أنّ تاركَ الأفعال المذكورة لا يدخل الجنّة أي: حتَّى يطهَّر بالنار.

«ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: ألا أدلُّك» عرضٌ متضَمِّنٌ للحثِّ، نحوُ: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ} (٤) الآية، أي: عرضتُ عليك فهل تحبُّه؟ قصد به التشويق إلى ما سيَذكره؛ ليكون أوقع في النَّفس وأحثّ على استفراغها لاستفادته.

«على أبواب الخير» أي: طرقِه وأسبابه الموصِلة إليه، ومن ثمَّ جعلها أبوابًا له


(١) في هامش نسخة (ب): (وأتى بالزكاة عقب الصلاة؛ لأنَّ الصلاة أعظم الطاعات البدنيَّة, والزكاة أعظم الطاعات الماليَّة, وقد كتب سلمان إلى أبي الدرداء -رضي الله عنهما-: يا أخي! إيَّاك أن تجمع من الدنيا ما لا تؤدِّي شكره؛ فقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله فيها, وماله بين يديه, كلَّما تكفَّأ به الصراط -أي: مالَ- قال له: ما لكَ؟ امضِ, فقد أدَّيت حقَّ الله فيَّ, ثمَّ يجاء بصاحب الدنيا الذي لم يطع الله فيها, وماله بين يديه, كلَّما تكفَّأ به الصراط قال له ويلك! ما أدَّيت حقَّ الله فيَّ, فما يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور» شبرخيتي).
(٢) وهو جائز كما قال ابن مالكٍ:
وحذفَ فضلةٍ أجِزْ إن لم يضِرْ ... كحذفِ ما سِيق جوابًا، أو حُصرْ

انظر: شرح ابن عقيل (١/ ٤٩٢).
(٣) فتح الباري (١/ ١٩٩).
(٤) سورة الصف: (١٠).

<<  <   >  >>