للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لترتُّبِه عليها تشبيهًا له بأمتعةٍ في مكانٍ له أبوابٌ.

والتَّعريف في (الخير) للجنس، ذكره بعضهم (١).

وقال المُظهِرُ: (جعل هذه الأشياءَ أبوابًا للخير؛ لأن الصّومَ وإخراجَ المال في الصّدقة شديدٌ على النّفس، وكذا الصّلاةُ في جوف اللّيل، فمن اعتادها سهُل عليه كلُّ خيرٍ، ونال كلَّ خيرٍ؛ لأن المشقَّة في دخول الدَّار تكون بفتح البابِ المغلَق) (٢).

وقال الطيبيُّ: (التّعريف للعهدِ الخارجيِّ التقديريِّ، وهو ممَّا يُعْلَم من قوله: «تعبد الله / [١١٨/أ] ولا تشركُ به» إلخ. المعنيُّ به الإسلامُ والإيمانُ الذي هو سببُ دخولِ الجنّة، والمباعدةِ من النَّار ظاهرًا، والمعنيُّ بأبواب الخير: النّوافلُ، كما دلَّ عليه قوله: «وصلاة الرّجل في جوف اللَّيل» لئلّا يلزم التّكرار.

وسمِّيت النَّوافلُ أبوابًا للفرائض؛ لأنَّها مقدِّماتٌ ومكمِّلاتٌ لها، فمن فاتته السُّنَنُ حُرِم الفُروضَ، قال بعضُ الأعيانِ: من ترك الأدبَ عوقِب بحرمان النّوافل، ومن عوقبَ بحرمان النّوافل عوقب بحرمان السُّنَن، ومن عوقِب بحرمانها (٣) عوقِب بحرمان الفرائض، ومن عوقب بحرمانِ الفرائض يوشِكُ أن يعاقَبَ بحِرْمان المعرفة (٤)) (٥).

وقال بعضهم (٦): (إن كانت الإضافةُ في (أبواب الخير) بيانيّةً (٧) فالمراد بالأعمال


(١) لعلَّه الطيبي في الكاشف (٢/ ٤٨٥).
(٢) المفاتيح في شرح المصابيح (١/ ١٢٣).
(٣) في ب: (ومن عوقب بحرمان السنن).
(٤) يقصد بحرمان المعرفة: حرمان معرفة الله تعالى, وهو مبنيٌّ على أنَّ الكفر هو الجهل بالله تعالى, فمن يعرف الله لا يكفر عندهم, وهو مذهب جهم بن صفوان, وهو مذهب باطلٌ غيرُ صحيحٍ؛ إذ يلزم منه أنَّ إبليس لم يكفر؛ لأنَّه كان عنده معرفة الله, انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١٤١ - ١٤٥).
(٥) الكاشف عن حقائق السنن (٢/ ٤٨٥).
(٦) لعلَّه يقصد ابن حجر الهيتميّ كما في كتابه الفتح المبين (٤٨٢).
(٧) الإضافة البيانيّة: هي ما كانت على تقدير (مِن)، وضابطها: أن يكون المضاف إليه جنسًا للمضاف، بحيث يكون المضاف بعضًا من المضاف إليه، مع صلاحيَّة المضاف لأن يكون مبتدأً خبره المضاف إليه، من غير فسادٍ للمعنى، نحو: هذا باب خشبٍ، ذاك سوار ذهبٍ. انظر: جامع الدروس العربية (٣/ ٢٠٦)، والنحو الوافي (٣/ ١٨). فيكون المعنى: (ألا أدلُّك على أبوابٍ مِن الخيرِ، أو هي الخيرُ).

<<  <   >  >>