للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كانت بمعنى اللَّام: (١) فالمراد به الجزاءُ العظيمُ وجميع الأعمال الصالحة، ويدلُّ للثّاني روايةُ ابن ماجه: «ألا أدلّك على أبواب الجنّة» (٢) وللأوّل تخصيص بعض الأعمال بالذّكر بقوله: «الصَّوم» أي: الإكثار منه؛ لأنَّ فرضه تقدّم).

«جُنّةٌ» بضمّ الجيم (٣)، وقايةٌ من سَوْرة (٤) الشهوة في العاجل، ومن النَّار في الآجل، وأصلها التُّرس (٥)، شَبَّهَ به الصوم؛ لأنَّه يحمي الصائمَ عن الآفاتِ النفسانية في الدنيا، وعن العقاب في الآخرة -[كما تقدَّم] (٦) - فإنَّه يقمع الهوى، وبرد (٧) الشهوات التي هي أسلحة الشيطان، فإن الشِّبعَ مجلبةٌ للآثام، منقصة للإيمان، ولهذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «ما ملأَ ابن آدمَ وعاءً شرًّا من بطنِهِ» (٨).


(١) هذا هو النوع الثاني من أنواع الإضافة، وهي الإضافة اللَّامية، وضابطها: أن تكون الإضافة على تقدير اللام) أي: (أبوابٍ للخير)، ولعلَّ هذا هو الأقرب؛ إذ إنَّ الإضافة تأتي بمعنى اللام عند جميع النحويين، بخلاف مجيئها بمعنى (من) البيانيّة، أو بمعنى (في) الظرفيّة. انظر: شرح ابن عقيل (٢/ ٤٢).
(٢) لم أقف عليها في سنن ابن ماجه، لكن هي في مختصرِ قيام اللّيل لابن نصرٍ المروزي ص (٣٥).
(٣) في هامش نسخة (ب): (وفي الخبر: الصوم جُنَّةٌ من النار, كجُنَّة أحدكم من القتال) اهـ. وهذا الخبر في سنن النسائي (٢٢٣٠) وابن ماجه (١٦٣٩) وإسناده حسن.
(٤) كذا في الأصل, وفي (ب): (ثورة) , وفي المصدر: (فورة)! .
(٥) وذكر ابن فارس في مقاييس اللغة (١/ ٤٢١) أنّ الجيم والنون أصل واحد، وهو الستر والتستر، ومن مفرداته: الجَنة، والِجنة، والجنين، والجنان، والمجن، والجنون.
(٦) ما بين معقوفتين زيادة من (ب).
(٧) في ب: (ويردع).
(٨) هذا الحديث أخرجه الترمذي في أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب (ما جاء في كراهية كثرة الأكل) (٢٣٨٠) وأحمد (٢٨/ ٤٢٢) والحاكم في المستدرك (٤/ ٣٦٧) كلُّهم من طريق يحيى بن جابر الطائيّ، قال سمعت المقدامَ بن معدي كرب الكنديِّ رضي الله عنه مرفوعاً، ولفظه: «ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطن، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة: فثلثٌ لطعامٍ، وثلث لشرابٍ، وثلثٌ لنفسه». وقال الترمذي: (حسنٌ صحيحٌ)، وفي نسخة: (حسنٌ) , وهو الذي اعتمده الحافظ في البلوغ (٥٢٩) وذكر المزّيّ =

<<  <   >  >>