وأحب إسعافها بها، وسأل الملك إخراجها إليه وتعجيل إطلاقه للمبادرة بها؛ ففعل وأجاز الجارية، وتوثق منها بالكتمان عليه، وأفضل عليها وعلى أبيها وانقلب عنه.
وذكر أنه لما دخل عليه قال له لذريق: إذا أنت قدمت علينا فاستفره لنا من الشذانقات! فقال له: أيها الملك، والمسيح لأدخلن عليك شذانقات ما دخل عليك بمثلها قط! يعرض له بما أضمره من السعي في إدخال رجال العرب الأندلس عليه، وهو لا يفطن؛ فلم يتنهنه يليان إذ وصل سبته أن تهيأ للمسير نحو موسى بن نصير، فأتاه بإفريقية، فحرضه على غزو الأندلس ووصف له حسنها وفوائدها وفضلها، وهون عليه حال رجالها، فعاقده موسى على الانحراف إلى المسلمين وسامه مكاشفة أهل ملته من أهل الأندلس، ففعل يليان ذلك وحل بساحل الجزيرة الخضراء، فقتل وسبى وغنم وأقام بها أياماً يشن الغارات، وشاع الخبر عند المسلمين، فآنسوا بيليان، وذلك عقب سنة٩٠.
وكتب موسى بن نصير إلى الوليد يعلمه بما دعاه إليه يليان ويستأذنه في افتتاح الأندلس، فكتب إليه الوليد أن خضها بالسرايا حتى تختبر شأنها ولا تغرر بالمسلمين في بحرٍ شديد الأهوال، فراجعه أنه ليس ببحراٍ وإنما هو خليج يتبين للناظر ما وراءه، فكتب إليه: وإن كان فلا بد من اختباره بالسرايا! فبعث موسى عند ذلك رجلاً من مواليه من البربر اسمه طريف بن ملوك المعافى يكنى أبا زرع في أربعمائة رجلٍ فعبر بهم ونزل في الجزيرة المنسوبة إليه؛ ثم أغار على الجزيرة الخضراء ونواحيها فأصاب سبياً لم ير موسى فميا أصابه مثله حسناً، وأصاب مالاً جسيماً وأمتعة، وذلك في شهر رمضان من سنة٩١