غريبة، ومع يمين المحراب المنبر الذي ليس بمعمور الأرض مثله صنعةً، خشبه آبنوس وبقس وعود المجمر، يقلل إنه صنع في سبع سنين، وكان صناعة ستة رجال غير من يخدمهم تصرفاً؛ وعن شمال المحراب بيت فيه عدد وطشوت ذهبٍ وفضةٍ وحسك، وكلها لو قيد الشمع في كل ليلة سبع وعشرين من رمضان؛ وفي هذا المخزن مصحف يرفعه رجلان لثقله، فيه أربع أوراق من مصحف عثمان بن عفان " رضه " الذي خطه بيمينه، وفيه نقطة من دمه؛ ويخرج هذا المصحف في صبيحة كل يومٍ، يتولى إخراجه قوم من قومه المسجد وللمصحف غشاء بديع الصنعة، منقوش بأعزب ما يكون من النقش، وله كرسي يوضع عليه، ويتولى الإمام قراءة نصف حزب فيه، ثم يرفع إلى موضعه. وعن يمين المحراب والمنبر باب يفضى إلى القصر بين حائطى الجامع في ساباط متصل، وفي هذا الساباط ثمانية أبواب: منها أربعة تنغلق من جهة القصر، وأربعة تنغلق من جهة الجامع؛ ولهذا الجامع عشرون باباً مصفحةً بصفائح النحاس وكواكب النحاس؛ وفي كل باب منها حلقتان في نهاية الإتقان، وعلى وجه كل باب منها في الحائط ضروب من الفص المتخذ من الآجر الأحمر المحكوك، أنواع شتى وأصناف مختلفة من الصناعات والتنميق:
وللجامع في الجهة الشمالية الصومعة الغريبة الصنعة، الجلية الأعمال، الرائقة الشكل والمثال؛ ارتفاعها في الهواء مائة ذراع بالذراع الرشاشى، منها ثمانون ذراعاً إلى الموضع الذي يقف فيه المؤذن، ومن هناك إلى أعلاها عشرون ذراعاً؛ ويصعد إلى أعلى هذا المنار بمدرجين، أحدهما من الجانب الغربي والثاني من الشرقي؛ إذا افترق الصاعدان أسفل الصومعة لم يجتمعا إلا إذا وصلا الأعلى. ووجه هذه الصومعة مبطن