بالكذان، منقوش من وجه الأرض إلى أعلى الصومعة بصنعةٍ تحتوي على أنواع من التزويق والكتابة. وبالأوجه الأربعة الدائرة من الصومعة صفان من قسىٍ دائرةٍ على عمد الرخام، وبيت له أربعة أبواب معلقة يبيت فيه كل ليلة مؤذنان. وعلى أعلى القبه التي على البيت ثلاث تفاحات ذهباً، واثنان من فضة، وأوراق سوسنية؛ تسع الكبيرة من هذه التفاحات ستين رطلاً من الزيت، ويخدم الجامع كله ستون رجلاً، وعليهم قائم ينظر في أمورهم. فهذا ما حكاه محمد بن محمد بن إدريس.
وقرطبة على نهرٍ عظيم، عليه قنطرة عظيمة من أجل البنيان قرارا، وأعظمه خطرا؛ وهي من الجامع في قبلته وبالقرب منه فانتظم به الشكل. قالوا: وبأمر عمر بن عبد العزيز قام على نهر قرطبة الجسر الأعظم الذي لا يعرف في الدنيا مثله، وحول الأندلس من عمل إفريقية، وجرد لها عاملاً من قبله، ووقعت المغانم فيها عن أمره.
وذكر أن تفسير قرطبة بلسان القوط قرظبة بالظاء المعجمة، ومعنى ذلك بلسانهم القلوب المختلفة وقيل إن معنى قرظبة آخر فاسكنها. ودور مدينة قرطبة في كمالها ثلاثون ألف ذراع؛ ولها من الأبواب باب القنطرة، وهو بقبليها، ومنه يعبر النهر على القنطرة، والباب الجديد وهو شرقيها، وباب عامر وهو بين الغرب والجوف منها وغيرها، وقصر مدينة قرطبة بغربيها متصل بسورها القبلي والغربي؛ وجامعها بإزاء القصر من جهة الشرق، وقد وصل بينهما بساباط يسلك الناس تحته من المحجة العظمى التي بين الجامع والقصر إلى باب القنطرة، وكان طول مسقف