موضع، وبها شجر التين كثير، ولها حصون وقلاع وقواعد وأقاليم معدومة المثال، ومنها إلى بلنسية خمس مراحل، ومنها إلى قرطبة عشر مراحل.
ويخرج من نهر مرسية جدول على مقربة من قنطرة اشكابه، قد نقرته الأول فهي الجبل وهو حجر، وجابوه نحو ميلٍ، وهذا الجدول هو الذي يسقى قبلى مرسية، ونقبوا بإزاء هذا النقب في الجبل الموازي لهذا الجبل نقباً آخر، مسافته نحو ميلين، وأخرجوا فيه جدولاً ثانياً، وهو الذي يسقى جوفي مرسية؛ ولهذين الجدولين منافس في أعلى الجبلين، ومناهد إلى الوادي؛ تنقى الجدولان منه بفتحها وانحدار الماء مما اجمتع من الغثاء فيهما؛ ولا يسقى من نهر مرسية شئ بغير هذين الجدولين إلا بما رفع بالدواليب والسواني؛ وبين موقع هذين النقيرين ومرسية ستة أميالٍ.
المرية
بالأندلس مدينة محدثة، أمر ببنائها أمير المؤمنين، الناصر لدين الله، عبد الرحمن ابن محمد سنة ٣٤٤. وفيهاب يقول الشاعر مجتث:
قالوا المرية صفها ... فقلت نط وشيح
وقيل فيها معاش ... فقلت إن هب ريح
وكان المجوس لما قدموا المرية، وتطوفوا بساحل الأندلس والعدوة، فاتخذها العرب مرأى، وابتنت بها محارس، وكان الناس يتنجعونها ويرابطون فيها، وهي اليوم أشهر مراسى الأندلس وأعمرها، ومن أجل أمصارها وأشهرها، وعليها سور حصين منيع بناه أمير المؤمنين عبد الرحمن، وعلى ربضها المعروف بالمصلى سور ترابٍ،