للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بناه خيران العامري، وكان قد وصل إلى هذا الربض ماء العين التي هناك، وأجراه في ساقيةٍ، ثم وصله محمد بن صمادح إلى ساقيةٍ عند جامعها داهل المدينة، واستطرد منه، ولا يصب في أسفل القصبة ويرفع بالدواليب إلى أعلاه؛ ووادي بجانة يعم بالسقى بساتين المرية، والبحر بقبلى مدينة المرية، وقصبتها بجوفيها، وهو حصن منيع لا يرام، مديد من المشرق إلى المغرب، ولها باب قبلي يفضى إلى المدينة، مسافة ما بين أول المصعد في الجبل وبينه مائتا ذراع وثمانون ذراعاً، ولها باب شرقي خارج عن أسوار المدينة، والربض متصل بجبالها، وهي أسهل مرتقى من الباب القبلى؛ وعرض ممشى السور الدائر بالقصبة خمسة أشبارٍ، ومرسى المرية صيفي يكن بشرقيه وغربيه.

وكانت المرية في أيام الملثمين مدينة الإسلام، وكان بها من كل الصناعات كل غربية، وكان بها من طرز الحرير ثمانمائة طراز، يعمل بها الحلل والديباج السقلاطون والإصبهاني والجرجاني والستور المكللة، والثياب المعينة، والعتابى، والفاخر وصنوف أنواع الحرير؛ وكانت فيما تقدم يصنع بها صنوف آلات النحاس والحديد وما لا يحاد؛ وكان بها من فواكه واديها الكثير الرخيص؛ وكانت المرية تقصدها مراكب التجار من الإسكندرية والشأم، ولم يكن بالأندلس أكثر من أهلها مالاً.

والمرية في ذاتها جبلان بينهما خندق معمور، وعلى الجبل الواحد قصبتها المشهورة بالحصانة، وفي الجبل الثاني ربضها، والسور يحيط بالمدينة وبالربض؛ ولها أبواب عدة؛ والمدينة كبيرة كثيرة الخيرات، وفيها ألف فندقٍ إلا ثلاثين فندقاً؛ وكان الروم ملكوها فغيروا محاسنها وسبوا أهلها وخربوا ديارها.

<<  <   >  >>