ثم أن العادل خلع، واجتمع أهل الحل والعقد وقالوا: نحب ألا نبيت الليلة إلا بإمامٍ! فقال لهم ابن وجان: إن رأيتم أن تتربصوا حتى تتحقق أخبار أبي العلى صاحب الأندلس، فقد ظهرت نجابته بتلك البلاد، وفد ذاق الاستبداد، وما أظنه يترك هذا الأمر لغيره. فعدلوا عن كلامه، وأجمع أبو زكرياء بن الشهيد وأبو يعقوب بن علي على مبايعة أبي زكرياء يحيى بن محمد الناصر.
ثم خاطب أبو العلى المذكور لابن وجان يدعوه إلى مبايعته، فأجابه وكذلك خاطبه هلال بن مقدم أمير الخلط، وعمر بن وقاريط شيخ هسكورة في شأن مبايعة أبي العلى، والتضييق على أهل مراكش الذين انحرفوا عن مبايعة أبي العلى وأخذ رأي ابن وجان ومشاركته في ذلك، فأجابهما بأن: لا تزالا تشنا الغارات طرفه عين، وأن تجتهدا في قطع الطرق حتى تحوج الضرورة أهل مراكش إلى مبايعة أبي العلى، وإخراج من لا ينفعهم؛ فلما تواصلت مصائب العرب وهسكورة على مراكش، وصاروا لا يخرج منهم جيش إلا هزموه وغنموه، حتى أفنوا كثيراً من رجالها، واجتمع أهل الرأي فيها على قتل ابن وجان، إذ كان في اعتقادهم أنه يغرى العدو الظاهر بإهلاكهم، فاطلع ابن وجان وابنه الأكبر أبو محمد على ذلك، فاختفى هو في غرفةٍ لبعض أتباعه في جهةٍ ربما يخفى عن العيون، ووقع ابنه في دربٍ من دروب هرغة فاختفى في مسجد هناك؛ ووقع النهب في جميع ما كان لهما، وصار الزمال والسائس والدخاني وأمثالهم يضع كل واحدٍ منهم يده فيمن وقع له من الحرم وغير ذلك، ولا أحد ينكر، ولا يقدر من ينكر أن يتلفظ بذلك، لأنهم كانوا عند العامة مناطبين لأعدائهم، ووقع البحث على