للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامسة من البعثة، فيتلو عليهم آيات الله ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة؛ وليؤدي المسلمون عبادتهم وأعمالهم، ويتلقوا ما أنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهم في أمن وسلام، وليدخل من يدخل في الإسلام ولا يعلم به الطغاة من أصحاب السطوة والنقمة (١).

ولقد كان مصعب بن عمير - رضي الله عنه - يعيش بين أفراد قبيلته على دينهم , وعلى ما كان عليه آباؤه وأجداده , فتلك الجاهلية العمياء قادتهم إلى عبادة الأصنام وشرب الخمور , وحضور مجالس المعازف والغناء , وغيرها من العبادات الباطلة , مع ما يصحب ذلك من سوء في الأخلاق , ودناءة في النفوس , وخرافة في الأفكار التي كانت منتشرة في المجتمع الجاهلي. ولكن مصعباً - رضي الله عنه - بعقله البصير ورؤيته الثاقبة , استطاع أن يميز بين ماهو عليه وما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدين الحق الذي رأى فيه من التعاليم الإسلامية السمحة التي توافق العقل , ولا تعارض الفطرة الإنسانية.

فعزم - رضي الله عنه - بنفسه من غير أن يدعوه أحد على الدخول في هذا الدين , فدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في دار الأرقم بن أبي الأرقم - رضي الله عنه - فأسلم وصدّق به وخرج , فكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه , فكان يختلف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراً (٢).

وقد كتم إسلامه - رضي الله عنه - كغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - , ولأنه يعرف أنه أتى بدين يخالف دين قومه فسوف يلاقي من العذاب والأذى ما لاقاه الصحابة - رضي الله عنهم - , وكان اختلافه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دار الأرقم ليختفي عن أنظار المترصدين من كفار


(١) المباركفوري , صفي الرحمن: مصدر سابق , ص٩٧.
(٢) ابن سعد: مصدر سابق ,٣/ ٨٦.
ابن عبد البر: مصدر سابق ,٤/ ١٤٧٤.
ابن الأثير: مصدر سابق ,٥/ ١٧٥.

<<  <   >  >>