للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)} (١).

جرى هذا الحوار بين الله عز وجل وبين الملائكة , فقد كان سؤال الملائكة سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء (٢) , ثم بيّن الله سبحانه وتعالى حكمته في أنه يعلم من هذا المخلوق ما لا تعلمه الملائكة , وليبيّن لهم علمه الذي أحاط بكل شيء , فهو أراد جل وعلا " أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين، والشهداء والصالحين، ولتظهر آياته للخلق، ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة" (٣).

فيستفيد المربي من هذا الأسلوب ولا سيما الأب مع أبنائه , والمعلم مع طلابه , وذلك في طرح موضوع يشد انتباههم؛ لتتوق أنفسهم إلى استكشاف خباياه , ومعرفة مكنوناته , فتستهوي أنفسهم السؤال والنقاش؛ ليبدأ الحوار الذي تصاحبه آدابه في جوٍ يسوده الهدوء. ثم يبين لهم ذلك المربي ما أراده من هذا الموضوع , فيكون ذلك أدعى لاستيعابهم له , ورسوخه في أذهانهم , مما لو ألقاه لهم مباشرة.


(١) سورة البقرة: آية (٣٠ - ٣٣).
(٢) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم , دار طيبة , الرياض , ط٢ , ١٤٢٠هـ , ١/ ٢١٦.
(٣) السعدي: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان , مؤسسة الرسالة , بيروت , ط١ , ١٤٢٠هـ , ص٤٨.

<<  <   >  >>