والحسي يقصد به النور الذي يكتسبه الإنسان من أعماله الصالحة والذي يتَّبعه على الصراط، فقد روى مسلم (١/ ١٧٧) (١٩١) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: [يعطي كل إنسان منهم منافق، أو مؤمن نوراً، ثم يتبعونه، وعلى جسر جهنم كلاليب، وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة وجوهم كالقمر ليلة البدر ...]، وقد ورد ما هو أصرح منه عند الحاكم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه، وقد سبق ذكره عند التعليق على البيت رقم (٧٤). (٢) وفي هذا البيت من الغلو ما يجعله أقرب إلى الخطأ من الصواب، وخاصة هذا الشطر، فإن ما ذكر من أنه يقضي أموره بسلامه على النبي يحتاج إلى دليل. (٣) أي ينمو، ويزداد. (٤) أي يحيا قلبه بنور هذه الطاعة؛ لأن الذكر عموماً فيه حياة القلوب، والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتمع فيه ذكر اسم الله تعالى: السلام، وأيضاً الدعاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبق بيان ذلك. (٥) الذخر: هو ما يجمعه الإنسان، ويحفظه لوقت الحاجة إليه، والأقرب أن الناظم - رحمه الله - يقصد أنها ذخر له في الآخرة بما يرجوا من ثوابها عند الله - تعالى -. وقد تكرر - كما هنا، وكما سيأتي - أن الناظم اعتبر بعض الأعمال ذخر له في آخرته أو في شدته، وكان الأولى به أن يطلب من الله قبولها، فيقول: أرجو قبولها، لا أن يجزم باستحقاق الأجر، وأنه يدخره ذخراً لنفسه عند الحاجة إليه، فإن قوله هذا فيه مدح ضمني لنفسه باستيفاء شروط العمل، وجزمه بقبوله، وأنه يدخره لوقت الحاجة، أيضاً مع ما فيه من مخالفة لهذي السلف الصالح، فإن العمل قد يكون صالحاً، ولا يقبل، لثبوت موانع، أو انتفاء شروط، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (المائدة /٢٧) أي أن الله - عز وجل - يتقبل من الأعمال ما استوفى شروط القبول. قال الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف (ص/٣٧٥): [كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل، وإكماله، وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من رده وهؤلاء الذين: {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} (المؤمنون/٦٠). روي عن علي - رضي الله عنه - قال: كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (المائدة /٢٧). وعن فضالة بن عبيد قال: لأن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا، وما فيها؛ لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ... وقال عبد العزيز بن أبي رواد: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه وقع عليهم الهم، أيقبل منهم أم لا ...].