للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٥ - وَيَحْرُمُ فِي رُزْءٍ (١) لِكُلِّ مُكَلَّفٍ (٢) ... كَتَحْرِيمِ تَصْفِيقٍ وَرَقْصٍ (٣) وَكَالزَّمْرِ


للمعازف، والدفوف، وغيرها إلا ما استثني كما ذكرنا آنفا، ونحوه في المجلد الخامس من " الصحيحة " (٣٣٢ - ٣٣٣). وقد شرح السبب الذي ذكرته الإمام الخطابي - رحمه الله - فقال في " معالم السنن " (٤/ ٣٨٢): [ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يعلق بها النذور، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة من بعض غزواته، وكانت فيه مساءة الكفار، وإرغام المنافقين صار فعله كبعض القرب التي من نوافل الطاعات، ولهذا أبيح ضرب الدف] قلت: ففيه إشارة قوية إلى أن القصة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فهي حادثة عين لا عموم لها كما يقول الفقهاء في مثيلاتها، والله سبحانه، وتعالى أعلم.].
(١) قال الجوهري في الصحاح، مادة (رزأ): [الرُزْءُ: المصيبة]
(٢) حذف الناظم الفاعل، والظاهر أنه يعود على الدف، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الاختيارات العلمية (٥/ ٣٦١ - الفتاوى الكبرى): [ويكره رفع الصوت مع الجنازة ولو بالقراءة اتفاقا، وضرب النساء بالدف مع الجنازة منكر منهي عنه]، والرجال بهذا الحكم أولى.
(٣) التصفيق محرم على الرجال مطلقاً، وعلى النساء مقيداً بغير حالة التنبيه في الصلاة، ويدل على ذلك أمور: منها - أنه من عادات قوم لوط التي بها أُهلكوا، فقال الله سبحانه ذاما للكفار {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَة} (الأنفال: ٣٥) وقد ثبت عن ابن عباس وابن عمر وعطية ومجاهد والضحاك والحسن وقتادة أنهم قالوا (المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق).
ومنها - أن التصفيق من شأن النساء، وقد نهي الرجال عن التشبه بالنساء، ولما فعلها الصحابة رضي الله عنهم في الصلاة أنكرها الرسول صلى الله عليه وسلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية (١١/ ٥٦٥): (وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ولا يصفق بكف بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال (التصفيق للنساء والتسبيح للرجال) و (لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء) ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ويسمون الرجال المغنين مخانيثا وهذا مشهور في كلامهم).
ومنها - أن التصفيق انتشر بين مبتدعة الصوفية فأكثر العلماء من التشنيع عليهم كابن الجوزي في تلبيسه، وابن الصلاح في فتاواه، والعز بن عبد السلام في قواعده، وشيخ الإسلام في كثير من المواضع، وابن القيم في الإغاثة، وغيرهم.
ومنها - أنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإنه لم ينقل عنهم مطلقا أنهم كانوا إذا استحسنوا شيئا صفقوا، بل إما أن يعبروا عن استحسانهم للشيء بالقول، أو بالتكبير وذكر الله.
وأما بالنسبة للنساء فلا يجوز في غير المواضع التي سمح بها الشرع (كالتنبيه في الصلاة)؛ لعموم الأدلة الأخرى المحرمة للتصفيق. وانظر فتاوى اللجنة الدائمة (٦/ ٣٠٧)، ومقال الشيخ: ناصر بن حمد الفهد سماه: " التحقيق في مسألة التصفيق".
وأما الرقص فقال الإمام القرطبي في تفسيره (١٠/ ٣١٨): [قال الإمام أبو بكر الطرطوشي وسئل عن مذهب الصوفية فقال: وأما الرقص، والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري، لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار، قاموا يرقصون حواليه، ويتواجدون، فهو دين الكفار، وعباد العجل].
وقال الشنقيطي في تفسيره "أضواء البيان" (٣/ ٥٣٨): [استدل بعض أهل العلم بقوله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِى الأَرْضِ مَرَحًا} (الإسراء/ ٣٧)، (لقمان / ١٨) على منع الرقص وتعاطيه؛ لأن فاعله ممن يمشي مرحاً].

<<  <   >  >>