كتاب جمهرة رسائل العرب في عصور العربية

طلب المختار بن أبى عبيد الثقفى بدم الحسين رضى الله عنه - ١٣٧ - كتاب عبد الله بن الزبير إلى عبد الله بن عباس - ج: 2 - ص: 126

[١٣٧ - كتاب عبد الله بن الزبير إلى عبد الله بن عباس]

وروى المدائنى قال:

لما أخرج عبد الله بن الزبير عبد الله بن عباس من مكة إلى الطائف، تلقّاه أهلها، فقالوا: مرحبا بابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله، أنت والله أحبّ إلينا وأكرم علينا ممّن أخرجك، هذه منازلنا تخيّرها، فانزل منها حيث أحببت، فنزل منزلا، فكان يجلس إليه أهل الطائف بعد الفجر وبعد العصر، فيتكلم بينهم، كان يحمد الله، ويذكر النبىّ صلى الله عليه وآله والخلفاء بعده، ويقول: ذهبوا فلم يدعوا أمثالهم، ولا أشباههم، ولا من يدانيهم، ولكن بقى أقوام يطلبون الدنيا بعمل الآخرة، ويلبسون جلود الضأن تحتها قلوب الذئاب والنمور، ليظن الناس أنهم من الزاهدين فى الدنيا، يراءون الناس بأعمالهم، ويسخطون الله بسرائرهم، فادعوا الله أن يقضى لهذه الأمة بالخير والإحسان، فيولّى أمرها خيارها وأبرارها، ويهلك فجّارها وأشرارها، ارفعوا أيديكم إلى ربكم وسلوه ذلك، فيفعلون، وبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إليه:

«أما بعد: فقد بلغنى أنك تجلس بالطائف العصرين (١)، فتفتيهم بالجهل، تعيب أهل العقل والعلم، وإن حلمى عليك، واستدامتى فيئك، جرّآك علىّ، فاكفف- لا أبا لغيرك- من غربك (٢)، واربع على ظلعك (٣)، واعقل إن كان

---

(١) العصران: الغداة والعشى، ومنه حديث على رضى الله عنه «ذكرهم بأيام الله واجلس لهم العصرين» أى بكرة وعشيا، وفى الحديث: «حافظ على العصرين» يريد صلاة الفجر وصلاة عصر سماهما العصرين لأنهما يقعان فى طرفى العصرين وهما الليل والنهار، والأشبه أنه غلب أحد الاسمين على الآخر، كالعمرين لأبى بكر وعمر، والقمرين للشمس والقمر.
(٢) الغرب: الحدة.
(٣) ربع كمنع: وقف وانتظر وتحبس، وظلع البعير كمنع ظلعا: غمز فى مشيه، ويقال: أربع على ظلعك: أى إنك ضعيف فانته عما لا تطيقه.