للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٣٠ - كتاب المختار إلى ابن الزبير]

ولما استجمع الأمر للمختار بالكوفة- وهو عند الشّيعة إنما يدعو إلى ابن الحنفية، والطلب بدماء أهل البيت- أخذ يخادع ابن الزبير، فكتب إليه:

«أمّا بعد: فقد عرفت مناصحتى إياك، وجهدى على أهل عداوتك، وما كنت أعطيتنى- إذا أنا فعلت ذلك- من نفسك، فلما وفيت لك وقضيت الذى كان لك علىّ، خست (١) بى ولم تف بما عاهدتنى عليه (٢)، ورأيت منى ما قد رأيت، فإن ترد مراجعتى أراجعك، وإن ترد مناصحتى أنصح لك»:


- وقال: هذا من ذخائر أمير المؤمنين على عليه السلام، وهو عندنا بمنزلة التابوت لبنى إسرائيل، فكان إذا حارب خصومه يضعه فى براح الصف، ويقول: «قاتلوا ولكم الظفر والنصرة، وهذا الكرسى محله فيكم محل التابوت فى بنى إسرائيل، وفيه السكينة والبقية، والملائكة من فوقكم ينزلون مددا لكم».- أخذ من قوله تعالى: «وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ، وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ». ويقال إنه اشتراه من نجار بدرهمين- انظر قصته فى تاريخ الطبرى: (٧: ١٤٠). والكامل للمبرد: (٢: ١٧٠).
(١) خاص بالعهد يخيس: غدر ونكث.
(٢) وذلك أن المختار لما أطلقه ابن زياد سجنه خرج إلى الحجاز، فلقى ابن الزبير، فقال له: إنى قد جئتك لأبايعك، على أن لا تقضى الأمور دونى، وعلى أن أكون فى أول من تأذن له، وإذا ظهرت استعنت بى على أفضل عملك، فقال له ابن الزبير: أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: وشر غلمانى أنت مبايعة على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم! لا والله لا أبايعك أبدا إلا على هذه الخصال، قال عباس بن سهل: فالتقمت أذن الزبير، فقلت له: اشتر منه دينه حتى ترى من رأيك، فقال له ابن الزبير: فإن لك ما سألته، فيبسط يده فبايعه وقاتل معه جند حصين بن نمير حين حاصر مكة، فكان أحسن الناس بلاء، وأعظمهم غناء. (تاريخ الطبرى ج ٧: ص ٦١).
وأقام المختار مع ابن الزبير حتى هلك يزيد وانقضى الحصار، ورجع جند حصين إلى الشأم، واصطلح أهل الكوفة على عامر بن مسعود بعد ما هلك يزيد يصلى بهم حتى يجتمع الناس على إمام يرضونه، فلم يلبث عامر إلا شهرا حتى بعث ببيعته وبيعة أهل الكوفة إلى ابن الزبير، فبعث عبد الله بن يزيد الأنصارى وإبراهيم بن محمد بن طلحة أميرين على الكوفة، ثم عبد الله بن مطيع، وكذلك ولى على البصرة ولاة كما قدمنا، ولم يول المختار كما كان ينتظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>