(٢) الصدر: الرجوع. (٣) قال ابن عبد ربه فى العقد الفريد ج ٢: ص ٢٦٥: «وجعل المختار يتتبع قتلة الحسين بن على ومن خذله، فقتلهم أجمعين، فلما أفناهم دانت له العراق، ولم يكن صادق النية ولا صحيح المذهب، وإنما أراد أن يستأصل الناس، فلما أدرك بغيته أظهر للناس قبح نيته» فادعى أن جبريل ينزل عليه، ويأتيه بالوحى من الله وكتب إلى أهل البصرة: «بلغنى أنكم تكذبوننى وتكذبون رسلى، وقد كذبت الأنبياء من قبلى، ولست بخير من كثير منهم». وقال: «ج ٢: ص ٢٧٠». لما قتل الحجاج ابن الزبير ومنع أمه أسماء أن تدفنه. قالت: أما إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج من ثقيف رجلان: الكذاب والمبير». (أى المهلك) فأما الكذاب فالمختار، وأما المبير فأنت، فقال الحجاج: اللهم مبير لا كذاب. وقال المبرد فى الكامل: «ج ٢ ص ١٦٧». وكان المختار لا يوقف له على مذهب، كان خارجيا، ثم صار زبيريا، ثم صار رافضيا فى ظاهره، وكان يدعى أنه يلهم ضربا من السجاعة لأمور تكون، ثم يحتال فيوقعها، فيقول للناس: هذا من عند الله عز وجل، فمن ذلك قوله ذات يوم «لتنزلن من السماء نار دهماء، فلتحرقن دار أسماء» فذكر ذلك لأسماء بن خارجة، فقال: أو قد سجع بى أبو إسحاق! هو والله محرق دارى، فتركه والدار وهرب من الكوفة، وقال فى بعض سجعا: أما والذى شرع الأديان، وجنب الأوثان، وكره العصيان لأقتلن أزد عمان، وجل قيس عيلان، وتميما أولياء الشيطان، حاشا النجيب ظبيان». فكان ظبيان النجيب يقول: لم أزل فى عمر المختار أتقلب آمنا. وخرج يشيع إبراهيم بن الأشتر حين شخص لقتال عبيد الله بن زياد، فقال للناس: «إن استقمتم فبنصر الله، وإن حصتم حيصة، فإنى أجد فى محكم الكتاب، وفى اليقين والصواب، أن الله مؤيدكم بملائكة غضاب، تأتى صور الحمام دوين السحاب» أى قريبا منه، وكان قد دفع إلى قوم من خاصته حماما بيضا ضخاما، وقال لهم: «إن رأيتم الأمر لنا فدعوها، وإن رأيتم الأمر علينا فأرسلوها». فلما التقوا كانت على أصحاب إبراهيم الدائرة فى أول النهار، فأرسل أصحاب المختار الطير فتصايح الناس: الملائكة! فتراجعوا واقتتل الناس حتى اختلط الظلام، وأسرع القتل فى أصحاب ابن زياد ثم انكشفوا، ووضع السيف فيهم حتى أفنوا: «الكامل للمبرد ج ٢: ص ١٦٩». وقال الشهرستانى فى الملل والنحل: «١: ١٥٣». ومن مذهب المختار أنه يجوز البدء على الله تعالى، والبدء له معان: البدء فى العلم، وهو أن يظهر له خلاف ما علم، والبدء فى الإرادة، وهو أن يظهر له صواب على خلاف ما أراد وحكم، والبدء فى الأمر، وهو أن يأمر بشىء، ثم يأمر بعده بخلاف ذلك، وإنما صار المختار إلى اختيار القول بالبدء، لأنه كان يدعى علم ما يحدث من الأحوال، إما بوحى يوحى إليه، وإما برسالة من قبل الإمام (ابن الحنفية) فكان إذا وعد أصحابه بكون شىء وحدوث حادثة، فإن وافق كونه قوله جعله دليلا على صدق دعواه، وإن لم يوافق قال قد بدا لربكم، وقد تبرأ ابن الحنفية منه حين وصل إليه أنه قد لبس على الناس بأنه من دعاته ورجاله، وتبرأ من الضلالات التى ابتدعها من التأويلات الفاسدة، والمخاريق المموهة، فمن مخاريقه أنه كان عنده كرسى قديم قد غشاه بالديباج وزينه بأنواع الزينة-