للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقبل حتى نزل مصر، وبلغ عبد العزيز أن عبد الملك ولّاه برقة، فبعث إليه وأراده على أن ينزل عنها فأبى فقال له: اقعد فى بيتك وسيولّى هذا الأمر من هو خير منك، وأولى به منك فى تجربته ومعرفته وسياسته، ويغنى الله أمير المؤمنين عنك، وأخذ عهده ومزّقه، ودعا بموسى بن نصير فعقد له على إفريقية سنة ٧٩ هـ فقدمها واليا عليها.

وكان بزغوان (١) قوم من البربر عليهم عظيم من عظمائهم، فكانوا يغيرون على سرح (٢) المسلمين ويرصدون غرّتهم- والذى بين زاغون وبين القيروان يوم إلى الليل- فوجّه إليهم موسى خمسمائة فارس فقاتلوهم وهزمهم الله وقتل صاحبهم، وفتحها الله على موسى، فبلغ سبيهم يومئذ عشرة آلاف رأس- وكان أول سبى دخل القيروان فى ولاية موسى- ثم وجه ابنه عبد الرحمن إلى بعض نواحيها فأتاه بمائة ألف رأس، ثم وجه ابنه مروان فأتاه بمثلها، فكان الخمس يومئذ ستين ألف رأس.

وكتب موسى بن نصير إلى عبد العزيز بن مروان بمصر «يخبره بالذى فتح الله عليه، وأمكن له؛ ويعلمه أن الخمس بلغ ثلاثين ألفا» وكان ذلك وهما من الكاتب.

[١٦٠ - رد عبد العزيز على موسى]

فلما قرأ عبد العزيز الكتاب دعا الكاتب فقال له: ويحك، اقرأ هذا الكتاب! فلما قرأه قال: هذا وهم من الكاتب فراجعه، فكتب إليه عبد العزيز:

«إنه بلغنى كتابك تذكر فيه أنه قد بلغ خمس ما أفاء الله عليك ثلاثين ألف رأس، فاستكثرت ذلك، وظننت أن ذلك وهم من الكاتب، فاكتب إلىّ بعد ذلك على حقيقة واحذر الوهم».


(١) زغوان: جبل بإفريقية بالقرب من تونس.
(٢) السرح: المال السائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>