للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرج كعب حتى قدم المدينة، واجتمع الناس لقدومه، فقام فقال: «يا أهل المدينة إنى رسول أهل البصرة إليكم: أأكره هؤلاء القوم هذين الرجلين على بيعة علىّ، أم أتياها طائعين؟ فلم يجبه أحد من القوم، إلا ما كان من أسامة بن زيد، فإنه قام فقال: اللهم إنهما لم يبايعا إلا وهما كارهان».

(تاريخ الطبرى ٥: ١٧٧)

٣٥٥ - كتاب علىّ إلى عثمان بن حنيف

وبلغ عليّا الخبر، فبادر بالكتاب إلى عثمان بن حنيف يعجّزه ويقول:

«والله ما أكرها إلا كرها على فرقة، ولقد أكرها على جماعة وفضل (١)، فإن كانا يريدان الخلع، فلا عذر لهما، وإن كانا يريدان غير ذلك نظرنا ونظرا»:

فقدم الكتاب على عثمان بن حنيف، وقدم كعب، فأرسلوا إلى عثمان أن اخرج عنا، فاحتجّ بالكتاب، وقال: هذا أمر آخر غير ما كنا فيه، فجمع طلحة والزبير الرجال، ثم قصدا المسجد وقت صلاة العشاء، وأبطأ ابن حنيف، فقدّما عبد الرحمن ابن عتّاب، فشهر الزّطّ والسّبابجة (٢) السلاح، ووضعوه فيهم، فأقبلوا عليهم فاقتتلوا فى المسجد.

ثم أخذ أصحاب عائشة ابن حنيف فضربوه أربعين سوطا، ونتفوا شعر لحيته، ورأسه وحاجبيه، وأشفار عينيه وحبسوه.

(تاريخ الطبرى ٥: ١٧٨)


(١) روى أن الناس لما بايعوا عليا تشاوروا فيما بينهم، وقالوا: إن دخل طلحة والزبير فقد استقامت فبعثوا إليهما وجاءوا بهما يحدونهما بالسيف للبيعة، فتلكأ طلحة فقال له مالك الأشتر- وسل سيفه- والله لتبايعن أو لأضربن به ما بين عينيك، فقال طلحة: وأين المهرب عنه؟ فبايعه وبايع الزبير والناس، وروى أن عليا قال لهما: إن أحببتما أن تبايعا لى، وإن أحببتما بايعتكما، فقالا: بل نبايعك، وقالا بعد ذلك:
إنما صنعنا ذلك خشية على أنفسنا، وقد عرفنا أنه لم يكن ليبايعنا» (تاريخ الطبرى ٥: ١٥٣).
(٢) الزط: قوم سود من أهل السند والهند، وكذا السبابجة: قوم ذوو جلد من السند والهند يكونون مع رئيس السفينة البحرية يخفرونها، وكانوا بالبصرة جلاوزة وحراس السجن.

<<  <  ج: ص:  >  >>