للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يجبه منهم أحد، وكان ابن الزبير من أشد الناس إنكارا لذلك وردّا له، فكتب سعيد بن العاص إلى معاوية:

«أما بعد: فإنك أمرتنى أن أدعو الناس لبيعة يزيد ابن أمير المؤمنين، وأن أكتب إليك بمن سارع ممن أبطأ، وإنى أخبرك أن الناس عن ذلك بطاء (١)، لا سيما أهل البيت من بنى هاشم، فإنه لم يجبنى منهم أحد، وبلغنى عنهم ما أكره، وأما الذى جاهر بعداوته وإبائه لهذا الأمر فعبد الله بن الزبير، ولست أقوى عليهم إلا بالخيل والرجال، أو تقدم بنفسك فترى رأيك فى هذا، والسلام».

(الإمامة والسياسة ١: ١٢٩)

[٦٢ - رد معاوية على سعيد]

فكتب معاوية إلى عبد الله بن عباس، وإلى عبد الله بن الزبير، وإلى عبد الله بن جعفر، وإلى الحسين بن على رضى الله عنهم كتبا، وأمر سعيد بن العاص أن يوصّلها إليهم، ويبعث بجواباتها، وكتب إلى سعيد بن العاص:

«أما بعد: فقد أتانى كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه من إبطاء الناس عن البيعة، ولا سيما بنى هاشم، وما ذكر ابن الزبير، وقد كتبت إلى رؤسائهم كتبا، فسلّمها إليهم، وتنجّز جواباتها، وابعث بها إلىّ حتى أرى فى ذلك رأيى، ولتشتدّ عزيمتك، ولتصلب شكيمتك (٢)، وتحسن نيّتك، وعليك بالرفق، وإياك والخرق (٣)، فإن الرّفق رشد، والخرق نكد، وانظر حسينا خاصّة فلا يناله منك مكروه، فإن له قرابة وحقّا عظيما لا ينكره مسلم ولا مسلمة، وهو ليث عرين، ولست آمنك


(١) بطاء: جمع بطىء، كطوال وقصار جمع طويل وقصير.
(٢) الشكيمة: الأنفة، وأصلها فى اللجام الحديدة المعترضة فى فم الفرس، وهو شديد الشكيمة:
أى أنف أبى لا ينقاد.
(٣) الخرق: ضد الرفق، وأن لا يحسن الرجل العمل والتصرف فى الأمور. والحمق: وهو بفتحتين مصدر، وبالضم اسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>