للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله يمتّع أمير المؤمنين فيك بصالح قسمه فيمن مضى، والجارى على من بقى ويبقى، حتى يؤدّى الفناء الذى لا بقاء معه، إلى البقاء الذى لا فناء بعده.

وأمير المؤمنين يعظك بالله، وهو أحق من وعظ به، ويرشدك من إيثار الله لما ندبك له منه، وسهّل لعظيم نعمته عليك، فى هذه النازلة، بما صحب به علىّ بن طاهر مولى أمير المؤمنين أيامه، ومضى عليه من بصيرته وطاعته، فقدّم حقّ الله عليك بطاعتك له فيما أمرك به، واتّق الله فى مواقع أقداره بك، تقتض بذلك من ثواب الله أفضل عوض الصالحين، وبارك الله لعلىّ فيما أصاره إليه، وأحسن الله لما قرّبك منه توفيقك، وعلى أرضاه عنك عونك (١)، والسلام».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٢٧)

[١٠٨ - كتابه إلى طاهر بن عبد الله]

وكتب إلى طاهر بن عبد الله فى وفاة إسحق بن إبراهيم.

«أما بعد، فإن الله عز وتعالى توحّد بتقدير عباده، وإمضاء إرادته فيهم، وجعل لكل منهم نهاية إليها يجرى بهم منقلبهم ومتصرّفهم، فإذا جاء أمر الله، وانقضت مدة البقاء، سعد أهل الحق بحقّهم، وكانت العاقبة للتقوى، وخسر الملحدون.

وإن إسحق بن إبرهيم مولى أمير المؤمنين- أبقاه الله، وأحسن سعيه وعمله- كان عبدا من عباد الله أيّد الله به خلفاءه، وخليفته كنف (٢)، فصحب عمره ذابّا عن دين الله، محافظا عليه، مطيعا لله فى حقه، ناصرا له متقرّبا إلى الله فى خلفائه، بما يرضاه منهم، ويرضيهم به عنه، إلى أن قبضه الله على أحسن حالاته التى تسرّه


(١) توفيقك مفعول أحسن، وعونك معطوف عليه، وأرضى: أفعل تفضيل.
(٢) كنفه: صانه وحفظه وحاطه وأعانه، أى أيد به خلفاءه الماضين، وكنف به خليفته الحاضر، وفى الأصل «وخليفته وكيف».
(١١ - جمهرة رسائل العرب- رابع)

<<  <  ج: ص:  >  >>