للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوصل، إذ عمدت إلى أموال قريش ومواريثهم فأدخلتها بيت المال جورا وعدوانا، يا بن عبد العزيز، اتق الله وراقبه إن شططت، لم تطمئنّ على منبرك حتى خصصت أول قرابتك بالظلم والجور، فو الذى خص محمدا صلى الله عليه وسلم بما خصّه به، لقد ازددت من الله بعدا فى ولايتك هذه، إذ زعمت أنها عليك بلاء، فأقصر بعض ميلك، واعلم بأنك بعين جبّار، وفى قبضته، ولن تترك على هذا».

[٤١٩ - رد عمر على كتابه]

فلما قرأ عمر بن عبد العزيز كتابه كتب إليه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمر بن الوليد: السلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، أما بعد: فإنه بلغنى كتابك وسأجيبك بنحو منه:

أما أول شأنك (١) يا بن الوليد، فإنّ أمّك بنانة أمة السّكون (٢)، كانت تطوف فى أسواق حمص وتدخل فى حوانيتها، ثم الله أعلم بها، اشتراها ذبيان بن ذبيان من فىء المسلمين، فأهداها لأبيك، فحملت بك، فبئس الحامل وبئس المحمول، ثم نشأت فكنت جبّارا عنيدا.

تزعم أنى من الظالمين، لأنى حرمتك وأهل بيتك فىء الله عزّ وجلّ الذى هو حقّ القرابة، والمساكين والأرامل، وإن أظلم منى وأترك لعهد الله من استعملك صبيّا سفيها على جند المسلمين تحكم بينهم برأيك، ولم تكن له فى ذلك نيّة إلا حبّ الوالد


(١) وفى البيان والتبيين «أما بعد فإنك كتبت تذكر أن عاملا أخذ مالك بالحمية، وتزعم أنى من الظالمين ... ».
(٢) اسم قبيلة من كندة كانت تسكن شمالى حضرموت، وفى البيان والتبيين «فأنت عمر بن الوليد، وأمك صناجة تدخل دور حمص وتطوف فى حوانيتها» وامرأة صناجة (بفتح الصاد وتشديد النون):
تضرب بالصنج (بالفتح) وهو شىء يتخذ من صفر يضرب أحدهما على الآخر، وآلة باوتار يضرب بها، والظاهر أنه يريد بصناجة الوصف لا العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>