للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٤٩ - كتاب سعيد بن حميد إلى بعض أهل السلطان]

وكتب سعيد (١) بن حميد إلى بعض أهل السلطان فى يوم النّيروز:

«أيّها السيد الشريف، عشت أطول الأعمار، بزيادة من العمر موصولة بفرائضها من الشكر، لا ينقضى حقّ نعمة حتى يجدّد لك أخرى، ولا يمرّ بك يوم إلا كان مقصّرا عما بعده، موفيا عما قبله.

إنى تصفحت أحوال الأتباع الذين يجب عليهم الهدايا إلى السّادة، فالتمست التأسّى (٢) بهم فى الإهداء، وإن قصّرت بى الحال عن الواجب، وإنى إن أهديت نفسى فهى ملك لك، لا حظّ فيها لغيرك، ورميت بطرفى إلى كرائم مالى فوجدتها منك، فإن كنت أهديت منها شيئا فإنى لمهد مالك إليك، ونزعت إلى مودتى فوجدتها خالصة لك، قديمة غير مستحدثة، فرأيت إن جعلتها هديتى لم أجدّد لهذا اليوم الجديد برّا ولا لطفا، ولم أميّز منزلة من شكرى بمنزلة من نعمتك إلا كان الشكر مقصّرا عن الحق والنعمة، زائدا على ما تبلغه الطاقة، فجعلت الاعتراف بالتقصير عن حقك هدية إليك، والإقرار عما يجب لك برّا أتوصّل به إليك، وقلت فى ذلك.

إن أهد مالا فهو واهبه ... وهو الحقيق عليه بالشكر

أو أهد شكرى فهو مرتهن ... بجميل فعلك آخر الدهر

والشمس تستغنى إذا طلعت ... أن تستضىء بسنّة البدر (٣)

(العقد الفريد ٣: ٣٠٧)


(١) كان كاتب أحمد بن الخصيب، وقلده المستعين ديوان الرسائل، وكان كاتبا شاعرا مترسلا عذب الألفاظ مقدما فى صناعته، وهو من أبناء المجوس. وكان يدعى أنه من أولاد ملوك الفرس- انظر ترجمته فى الفهرست لابن النديم ص ١٧٩ ومروج الذهب ٢: ٤٠٨ وتاريخ الطبرى ١١: ٧٠ والأغانى ١٧: ٢.
(٢) قال فى اللسان: التأسى فى الأمور: الأسوة أى القدوة، وفلان يأتسى بفلان: أى يقتدى به.
(٣) السنة: الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>