للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله الخوف قلبه، فكانت النّقمة بحمد الله واقعة بالفريقين: من وافى الجانب الغربىّ قادما، ومن عبر إليهم من الجانب الشرقى منجدا لم ينج منهم ناج، ولم يعتصم منهم بالتوبة معتصم، ولا أقبل إلى الله مقبل، فرقا أربعا يجمعها النار» ويشملها عاجل النّكال، عظة ومعتبرا لأولى الأبصار، فكانوا كما قال الله عز وجل:

«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (١)، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ» ولم تزل الحرب بين الأولياء وبين الفرقة التى كانت فى الجانب الشرقىّ، والقتل محتفل (٢) فى أعلامهم، والجراح فاشية فيهم، حتى إذا عاينوا ما أنزل الله بأشياعهم من البوار، وأحلّ بهم من النّقمة والاستئصال، ما لهم من الله من عاصم، ولا من أوليائه ملجأ ولا موئل، ولّوا منهزمين مفلولين منكوبين، قد أراهم الله العبر فى إخوانهم الغلوية، وطوائفهم المضلة، وضلّ ما كان فى أنفسهم، لما رأوا من نصر الله لجنده، وإعزازه لأوليائه، والحمد لله رب العالمين، قامع الغواة الناكبين عن دينه، والبغاة الناقضين لعهده والمرّاق الخارجين من جملة أهل حقه حمدا مبلّغا رضاه. وموجبا أفضل مزيده، وصلّى الله أولا وآخرا على محمد عبده ورسوله الهادى إلى سبيله، والداعى إليه بإذنه، وسلّم تسليما».

وكتب سعيد بن حميد يوم السبت لسبع خلون (٣) من صفر سنة ٢٥١

(تاريخ الطبرى ١١: ١٠٦، واختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٢٨٤)


(١) البوار: الهلاك.
(٢) من احتفل: أى اجتمع.
(٣) هكذا فى الأصل وأراه خطأ وصوابه «بقين» لأن الوقعة استمرت إلى «يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من صفر» كما جاء فى هذه الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>