للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معانيه ولفظه، إذ كنت تلوى به لسانك، وتثنى إليه عنانك، قطعا لحجّتك، وإزاحة لعلتك، فإن أجبت فقد كشفت لنا ما لديك، وإن اعترفت بالعجز عطّفنا ذلك عليك، والسلام».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٤١٧)

[٨٣ - كتاب لأبى على البصير فى الاعتذار]

وكتب أبو على البصير يعتذر عن هفوة:

«ذكرت- أعزّك الله- فى كتابك ما يعلم الله اغتمامى به، واستكانتى له، وقلقى عند ما ورد علىّ منه، وإكبارى قدر البليّة به والمصيبة فيه، والعالم بالسرائر، المطّلع على الضمائر، يشهد- وكفى به شهيدا- أنى ما أقف على ما ذكرت ولا أتوهّمه، ولا يومىء لى ظنّ إليه، وإنى لأفكّر مذورد كتابك بما ورديه، فما أجد ذكرى (١) يحيط بشىء منه، وإنّ أقصى حفظى مما كان فى ذلك المجلس لغلبة السّكر علىّ، ثم خاننى فهمى، فما كان بعد ذلك فبغير علمى، ولا قصد منى.

ومما زاد فى غمّى، وضاعف المكروه علىّ، تحقّقك للأمر وهو خبر معترض الشكّ فيه والبطلان أولى به، حتى ألزمتنى إياه، وقرّعتنى (٢) به كأنّه قرع سمعك، فإن ذلك أرانى صورة المقت منك لى، والغلظة على، والإسراع إلى قبول القبيح المضاف إلىّ، وو الله لو واجهتك على تلك الحال بما أنهى إليك- وبالله أعوذ من ذلك فيما بينى وبين من هو دونك عندى من إخوانى- لكان فيما أطلعتك عليه العشرة الطويلة، والخبرة القديمة، من إجلالى إياك، وخالص محبتى لك، مع ما يضطرّنى إليه متقدّم برّك وإحسانك، ومرضيّات أخلاقك من البعد بقلبى ولسانى من كل ما ساءك ما يدلّك على أن ما كان من ذلك كان آفة نالتنى فى عقلى، ومزاجا فاسدا رديئا


(١) الذكر بالضم ويكسر: التذكر.
(٢) قرعه: لامه وعنفه.
(١٠ - جمهرة رسائل العرب- رابع)

<<  <  ج: ص:  >  >>