للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأمر الآخرة، ولتعظم رغبتك فى الخير، ولتحسن فيه نيّتك، فإن الله عزّ وجل يعطى العبد على قدر نيّته، وإذا أحبّ الخير وأهله ولم يعمله كان إن شاء الله كمن عمله، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال حين رجع من تبوك: «إن بالمدينة لأقواما: ما سرتم من مسير، ولا هبطتم من واد إلا كانوا معكم، ما حبسهم إلا المرض، يقول: كانت لهم نية».

ثم اعلم يا محمد أنّى قد ولّيتك أعظم أجنادى: أهل مصر، وولّيتك ما ولّيتك من أمر الناس، فأنت محقوق أن تخاف فيه على نفسك، وتحذر فيه على دينك، ولو كان ساعة من نهار، فإن استطعت أن لا تسخط ربّك لرضا أحد من خلقه فافعل، فإن فى الله خلفا من غيره، وليس فى شئ خلف منه، فاشتدّ على الظالم، ولن لأهل الخير، وقرّبهم إليك، واجعلهم بطانتك وإخوانك، والسلام».

(شرح ابن أبى الحديد م ٢: ص ٢٦)

[٥٠١ - كتاب محمد بن أبى بكر إلى معاوية]

وروى أن محمد بن أبى بكر لما وصل إلى مصر كتب إلى معاوية كتابا فيه:

«من محمد بن أبى بكر إلى الغاوى (١) معاوية بن صخر: سلام على أهل طاعة الله ممن هو سلم لأهل ولاية الله، أما بعد، فإن الله بجلاله وعظمته وسلطانه وقدرته، خلق خلقه بلا عبث منه. ولا ضعف فى قوته، ولا حاجة به إلى خلقهم، لكنه خلقهم عبيدا وجعل منهم غويّا ورشيدا، وشقيّا وسعيدا، ثم اختار على علم فاصطفى وانتخب منهم محمدا صلى الله عليه وسلم، فاختصه برسالته، واختاره لوحيه، وأتمنه على أمره، وبعثه رسولا ومبشّرا ونذيرا مصدّقا لما بين يديه من الكتب، ودليلا على الشرائع، فدعا إلى سبيل أمره بالحكمة والموعظة الحسنة فكان أوّل من أجاب وأناب وآمن وصدّق


(١) أى الضال، وصف من الغواية بالفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>