للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجماعة، فلم سوّيت نفسك بهم؟ فأنت فى طاعتك ومناصحتك واضطلاعك (١) بما حملت من أعباء هذا الأمر، على ما أنت عليه، وليس مع الشّريطة التى أوجبت منك سماع ولا طاعة، وحمّل إليك أمير المؤمنين عيسى بن موسى رسالة لتسكن إليها إن أصغيت إليها، وأسأل الله أن يحول بين الشيطان ونزغاته وبينك، فإنه لم يجد بابا يفسد به نيّتك أوكد عنده وأقرب من طبّه (٢)، من الباب الذى فتحه عليك».

(تاريخ الطبرى ٩: ١٦١)

[٢٤ - كتاب أبى مسلم إلى أبى جعفر]

وروى الطبرى أن أبا مسلم كتب إلى أبى جعفر (٣):

«أما بعد، فإنى اتخذت رجلا (٤) إماما ودليلا على ما افترض الله على خلقه، وكان فى محلّة العلم نازلا، وفى قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا، فاستجهلنى بالقرآن فحرّفه عن مواضعه طمعا فى قليل قد نعاه (٥) الله إلى خلقه، فكان كالذى دلّى (٦) بغرور، وأمرنى أن أجرّد السيف، وأرفع الرّحمة ولا أقبل المعذرة، ولا أقيل العثرة، ففعلت، توطيدا لسلطانكم، حتى عرفكم من كان جهلكم، ثم استنقذنى الله بالتوبة، فإن يعف عنى، فقدما عرف به (٧) ونسب إليه، وإن يعاقبنى فبما قدّمت يداى، وما الله بظلّام للعبيد».


(١) اضطلع بالأمر: قوى على حمله.
(٢) الطب: السحر.
(٣) قدمنا فى ص ٢٠ أن ابن قتيبة روى أن هذا الكتاب كتبه أبو مسلم إلى أبى جعفر فى خلافة أبى العباس، وقد أورده بصورة تخالف رواية الطبرى بعض المخالفة كما يتضح بمراجعة الروايتين، ثم أورد رد أبى جعفر عليه.
(٤) يعنى أخاه إبراهيم الإمام كما تقدم.
(٥) فى الأصل «تعافاه» وهو تحريف.
(٦) أى أطمع، انظر تفسيره فى الجزء الأول ص ٩٤.
(٧) الضمير فيه يعود على العفو المفهوم من فعله السابق، على حد قوله تعالى: «اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى»
وقدما: قديما.

<<  <  ج: ص:  >  >>