للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا فى حدّ، أو مجرّبا عليه شهادة زور، أو ظنينا (١) فى ولاء أو نسب، فإن الله قد تولّى منكم السرائر، ودرأ (٢) بالبينات والأيمان، وإياك والغلق (٣)، والضّجر، والتأذّى بالخصوم، والتنكّر عند الخصومات، فإن الحقّ فى مواطن الحق يعظم الله به الأجر، ويحسن به الذّخر، فمن صحّت نيته، وأقبل على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تخلق (٤) للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه، شانه الله، فما ظنّك بثواب عند الله (٥) عزّ وجل فى عاجل رزقه.

وخزائن رحمته! والسلام».

(الكامل للمبرد ١: ٧، والبيان والتبيين ٢: ٢٤، والعقد الفريد ١: ٢٧، وصبح الأعشى ١٠: ١٩٣، وشرح ابن أبى الحديد م ٣: ص ١١٩، وإعجاز القرآن ص ١١٧، وكتاب الخراج ص ١٤٠)

[٢١٥ - كتاب سعد بن أبى وقاص إلى عمر]

وسار سعد بن أبى وقّاص بعد انتصاره فى وقعة القادسيّة، حتى نزل على بهر سير (٦)، فبثّ الخيول، فأغارت على ما بين دجلة إلى من له عهد من أهل الفرات، فأصابوا مائة ألف فلاح، فكتب سعد إلى عمر:


(١) ظنينا: متهما، وهو فعيل بمعنى مفعول من ظن المتعدية إلى واحد، تقول ظننت زيدا وظننت يزيد أى اتهمته، وفى قراءة: «وما هو على الغيب بظنين» وإنما قال عمر رضى الله عنه ذلك لما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم: «ملعون ملعون من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه»
(٢) درأ: دفع. قال صلى الله عليه وسلم: «ادرءوا الحدود بالشبهات» وفى البيان والتبيين.
«ودرأ عنكم بالشبهات» وفى العقّد الفريد: «ودرأ عنكم الهنات».
(٣) الغلق: ضيق الصدر وقلة الصبر، وأصله من أغلق عليه أمره إذا لم يتضح ولم ينفتح، ومن ذلك قولهم «غلق الرهن «كفرح: أى استحقه المرتهن، وذلك إذا لم يفتكك فى الوقت المشروط، وفى البيان والتبيين: «ثم إياك والقلق والضجر، والتأذى بالناس، والتنكر للخصوم فى مواطن الحق التى يوجب الله بها الأجر، ويحسن بها الذخر، فانه من يخلص نيته فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى ولو على نفسه، يكفه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بما يعلم الله خلافه منه، هتك الله ستره، وأيدى فعله، والسلام عليك» وكذا فى العقد الفريد.
(٤) أى تكلف وتصنع.
(٥) فى الكامل للمبرد «بثواب غير الله» وهو تحريف.
(٦) هى المدينة الدنيا الغربية من مدائن كسرى على نهر دجلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>