للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب الجزل إلى الحجاج:

«أما بعد: فإنى أخبر الأمير- أصلحه الله- أنى خرجت فيمن قبلى من الجند الذى وجّهنى فيه إلى عدوه، وقد كنت حفظت عهد الأمير إلىّ فيهم ورأيه، فكنت أحرج إليهم إذا رأيت الفرصة، وأحبس الناس عنهم إذا خشيت الورطة، فلم أزل كذلك أدبّر الأمر وأرفق فى التدبير، ولقد أرادنى العدوّ بكل مكيدة، فلم يصب منى غرّة، حتى قدم علىّ سعيد بن مجالد- رحمة الله عليه- ولقد أمرته بالتّؤدة ونهيته عن العجلة، وأمرته ألا يقاتلهم إلا فى جماعة الناس عامّة، فعصانى وتعجّل إليهم فى الخيل، فأشهدت عليه أهل المصرين أنى برىء من رأيه الذى رأى، وأنى لا أهوى ما صنع، فمضى فأصيب، تجاوز الله عنه، ودفع (١) الناس إلىّ فنزلت ودعوتهم إلىّ، ورفعت لهم رايتى، وقاتلت حتى صرعت، فحملنى أصحابى من بين القتلى، فما أفقت إلا وأنا على أيديهم على رأس ميل من المعركة، فأنا اليوم بالمدائن فى حراحة قد يموت الرجل من دونها ويعافى من مثلها، فليسأل الأمير- أصلحه الله- عن نصيحتى له ولجنده، وعن مكايدتى عدوّه، وعن موقفى يوم البأس، فإنه يستبين له عند ذلك أنى قد صدقته ونصحت له، والسلام».

(تاريخ الطبرى ٧: ٢٣١، و (شرح ابن أبى الحديد م ١ ص ٤١٣)

[٢٠١ - رد الحجاج على الجزل بن سعيد]

فكتب إليه الحجاج:

«أما بعد، فقد أتانى كتابك وقرأته وفهمت كلّ ما ذكرت فيه، وقد صدّقتك فى كل ما وصفت به نفسك، من نصيحتك لأميرك، وحيطتك على أهل مصرك، وشدّتك على عدوك، وقد فهمت ما ذكرت من أمر سعيد وعجلته إلى


(١) أى انتهوا إلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>