للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعدّك حربا، أنت فيما هاهنا كحبل الجرور (١) وليس مثلى يصانع بالخداع، ولا يخدع بالمكايد، ومعه عدد الرجال، وبيده أعنّة الخيل (٢)، فإن قبلت الذى عرضت عليك فلك ما أعطيتك، وإن أنت لم تفعل ملأت مصر عليك خيلا ورجلا، والسلام عليك».

(تاريخ الطبرى ٥: ٢٢٩، وشرح ابن أبى الحديد م ٢، ص ٢٤، والنجوم الزاهرة ١: ١٠٠)

[٤٩١ - رد قيس على معاوية]

فلما قرأ قيس بن سعد كتاب معاوية، ورأى أنه لا يقبل منه المدافعة والمطاولة، أظهر له ذات نفسه، فكتب إليه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من قيس بن سعد إلى معاوية بن أبى سفيان:

أما بعد: فإن العجب من اغترارك بى، وطمعك فىّ، واستسقاطك (٣) رأيى، أتسومنى الخروج عن طاعة أولى الناس بالإمرة، وأقربهم للخلافة، وأقولهم للحق، وأهداهم سبيلا، وأقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيلة، وأوفرهم فضيلة، وتأمرنى بالدخول فى طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر، وأقولهم للزّور، وأضلّهم سبيلا، وأبعدهم من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وسيلة، ولد ضالّين مضلّين، طاغوت (٤) من طواغيت إبليس.

وأما قولك (٥) إنك تملأ علىّ مصر خيلا ورجلا، فو الله إن لم أشغلك بنفسك، حتى تكون نفسك أهمّ إليك، إنك لذو جدّ (٦)، والسلام».

فلما بلغ معاوية كتاب قيس أيس منه، وثقل عليه مكانه.

(تاريخ الطبرى ٥: ٢٢٩، وشرح ابن أبى الحديد ٢: ص ٢٤، والنجوم الزاهرة ١: ١٠٠)


(١) الجرور البئر البعيدة القعر: يعنى بذلك بعد غوره، وفى الطيرى «كحنك الجزور» وهو تحريف.
(٢) وفى النجوم الزاهرة «وليس مثلى من يخدع وبيده أعنة الخيل ومعه أعداد الرجال» وفى الطبرى «وليس مثلى يصانع المخادع ولا ينتزع للمكايد».
(٣) استسقطه وتسقطه: عالجه على أن يسقط فيخطئ أو يكذب أو يبوح بما عنده.
(٤) الطاغوت: الشيطان، وكل رأس ضلال، وفى ابن أبى الحديد: «ولديك قوم ضالون مضلون طواغيت من طواغيت إبليس».
(٥) وفى النجوم الزاهرة «وأما قولك: معك أعنة الخيل وأعداد الرجال، لتشغلن بنفسك حتى العدم».
(٦) الجد: الحظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>